[الخلاف بين الخليفة ومسعود]
وبعث الخليفة يحثّ مسعودا على المجيء ليرفع منه ، فدخل أصبهان في زيّ التّركمان ، وخاطر إلى أن وصل بغداد في ثلاثين فارسا ، فبعث إليه الخليفة تحفا كثيرة.
وعثر على بعض الأمراء أنّه يكاتب طغرل ، فقبض عليه الخليفة ، فهرب بقيّة الأمراء إلى مسعود ، وقالوا : نحن عبيدك ، فإذا خذلتنا قتلنا الخليفة. فطلبهم الخليفة ، فقال مسعود : قد التجئوا إليّ. فقال الخليفة : إنّما أفعل هذا لأجلك ، أو يصيبك (١) نوبة بعد نوبة.
ووقع الاختلاف بينهما ، وشاش العسكر ، ومدّوا أيديهم إلى أذى المسلمين ، وتعذّر المشي بين المحالّ ، فبعث إليه الخليفة يقول له : تنصرف إلى بعض الجهات ، وتأخذ العسكر الّذين صاروا إليك. فرحل في آخر السّنة والخواطر متوحّشة. فأقام بدار الغربة. وجاءت الأخبار بتوجّه طغرل إلى بغداد. فلمّا كان يوم سلخ السّنة نفّذ إلى مسعود الخلع والتّاج ، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نعم (٢).
[هزيمة ابن ردمير وموته]
وفيها حاصر ملك الفرنج ابن ردمير (٣) مدينة أفراغة من شرق الأندلس ، وكان إذ ذاك على قرطبة تاشفين ابن السّلطان ، فجهّز الزّبير اللّمتونيّ بألفي فارس ، وتجهّز أمير مرسيّة وبلنسية ـ يحيى بن غانية ـ في خمسمائة وتجهّز عبد الله بن عياض صاحب لاردة في مائتين ، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى أفراغة. وكان ابن عياض فارس زمانه ، وكان ابن ردمير (٣) في اثني عشر ألف فارس. فأدركه العجب ، وقال لأصحابه : اخرجوا خذوا هذه الميرة. ونفّذ قطعة من جيشه ، فهزمهم ابن عياض ، فساق ابن ردمير بنفسه ، والتحم الحرب ،
__________________
(١) في المنتظم : «وأنصبك».
(٢) المنتظم ١٠ / ٣٥ ، ٣٦ (١٧ / ٢٨٤).
(٣) في الأصل : «رذمير».