بسم الله الرّحمن الرّحيم
[الطبقة الثالثة والخمسون]
[حوادث]
سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
[حرب الخليفة والسلطان في بغداد]
قد ذكرنا أنّ أهل بغداد كانوا بالجانب الغربيّ ، وعسكر محمود في الجانب الشّرقيّ ، وتراموا بالنّشّاب. ثمّ إنّ جماعة من عسكر محمود حاولوا الدّخول إلى دار الخلافة من باب النّوبي ، فمنعتهم الخاتون ، فجاءوا إلى باب الغربة في رابع المحرّم ، ومعهم جمع من السّاسة والرّعاع ، فأخذوا مطارق الحدّادين ، وكسروا باب الغربة ، ودخلوا إلى التاج (١) فنهبوا دار الخلافة من ناحية الشّطّ ، فخرج الجواري حاسرات تلطمن ، ودخلن دار خاتون ، وضجّ الخلق ، فبلغ الخليفة ، فخرج من السّرداق ، وابن صدقة بين يديه ، وقدّموا السّفن دفعة واحدة (٢) ، ودخل عسكر الخليفة ، وألبسوا الملّاحين السّلاح ، وكشفوا عنهم ... (٣). ورمى العيّارون أنفسهم في الماء وعبروا. وصاح المسترشد بالله بنفسه ، يا آل بني هاشم. فصدق النّاس معه القتال ، وعسكر السّلطان مشغولون بالنّهب ، فلمّا رأوا عسكر الخليفة ذلّوا وولّوا الأدبار ، ووقع فيهم السّيف ، واختفوا في السّراديب ، فدخل وراءهم البغداديّون ، وأسروا جماعة ، وقتلوا جماعة من الأمراء (٤). ونهب العامّة دور أصحاب السّلطان ، ودار وزيره ، ودار العزيز (٥) أبي نصر المستوفي ، وأبي البركات الطّبيب وأخذ من داره ودائع وغيرها بما قيمته ثلاثمائة ألف. وقتل من أصحاب السّلطان عدّة وافرة في الدّروب والمضايق.
__________________
(١) في الأصل : «الباج» ، والمثبت عن المنتظم.
(٢) دول الإسلام ٢ / ٤٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٩٧.
(٣) في الأصل بياض. وفي المنتظم : «وألبسوا الملّاحين السلاح ، ورماة النشاب من ورائهم ، ورمى ...».
(٤) العبر ٤ / ٤٨ ، ٤٩.
(٥) في الأصل : «العزبر».