ثمّ عبر الخليفة إلى داره في سابع المحرّم بالجيش ، وهم ثلاثين ألف مقاتل بالعوامّ وأهل البرّ ، وحفروا باللّيل خنادق عند أبواب الدّروب ، ورتّب على أبواب المحالّ من يحفظها. وبقي القتال أيّاما إلى يوم عاشوراء ، انقطع القتال ، وتردّدت الرّسل ، ومال الخليفة إلى الصّلح والتّحالف ، فأذعن السّلطان وأحبّ ذلك ، وراجع الطّاعة ، واطمأنّ النّاس ، وطمّت الخنادق. ودخل أصحاب السّلطان يقولون : لنا ثلاثة أيّام ما أكلنا خبزا ، ولو لا الصّلح لمتنا جوعا. فكانوا يسلقون القمح ويأكلونه. فما رئي (١) سلطان حاصر فكان هو المحاصر ، إلّا هذا. وظهر منه حلم وافر عن العوامّ (٢).
[إرسال الخلع إلى ابن طراد]
وبعث الخليفة مع عليّ بن طراد إلى سنجر خلعا وسيفين ، وطوقا ، ولواءين ، ويأمره بإبعاد دبيس من حضرته (٣).
[مقتل وزير سنجر]
وجاء الخبر بأنّ سنجر قتل من الباطنيّة اثني عشر ألفا (٤) ، فقتلوا وزيره المعين (٥) ، لأنّه كان يحرّض عليهم وعلى استئصالهم. فتجمّل رجل منهم ، وخدم سائسا لبغال المعين ، فلمّا وجد الفرصة وثب عليه وهو مطمئنّ فقتله ، وقتل بعده ، وكان هذا الوزير ذا دين ومروءة ، وحسن سيرة (٦).
__________________
(١) في الأصل : «رأى» ، والتصحيح من المنتظم.
(٢) المنتظم ١٠ / ٢ ـ ٤ (١٧ / ٢٤١ ، ٢٤٢) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٧٦ (وتحقيق سويم) ٤٢ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢١٦ ، كتاب الروضتين ١ / ٧٤ ، العبر ٤ / ٤٩ ، مرآة الجنان ٣ / ٢٢٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٩٧ ، عيون التواريخ ١٢ / ١٨٨ ، الكواكب الدرّية ٩٣.
(٣) المنتظم ١٠ / ٥ (١٧ / ٢٤٤).
(٤) المنتظم ١٠ / ٥ (١٧ / ٢٤٤) ، دول الإسلام ٢ / ٤٥ وفيه : «نحو عشرة آلاف» ، العبر ٤ / ٤٩ ، مرآة الجنان ٣ / ٢٢٧ ، الكواكب الدرّية ٩٢.
(٥) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٧٧ (وتحقيق سويم) ٤٢ ، الكواكب الدرّية ٩٢.
(٦) مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ١٢٥ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢٣٢.