فلا شك في زواله.
تذنيب : الامكان العام ليس بثابت لأنه لا شيء من جزئياته (١) بثابت ولا وجود للكلّي الّا في جزئياته ولأنه يلزم التسلسل.
مسألة : علة الحاجة الى المؤثر هي الإمكان لا الحدوث خلافا لقوم (٢). لنا : انّا متى عقلنا كون الشيء ممكنا جزمنا بانّ وجوده له بغيره ، ولو شككنا في جواز وجوب الحادث لذاته لشككنا في احتياجه ، ولأنّ الحدوث صفة الوجود المتأخر عن تأثير القادر المتأخر عن احتياجه إليه ، فلو كان علة الحاجة هي الحدوث تأخر الشيء عن نفسه بمراتب (٣).
قيل عليه : يجوز أن يكون الحدوث علة غائية فجاز تأخيرها ، وفيه ضعف (٤).
__________________
(١) ب : الضروريات.
(٢) الخلاف هنا مع جمع من المتكلمين حيث جعلوا علة حاجة العالم الى واجب الوجود حدوثه ، لانهم منعوا من ان يكون غير واجب الوجود قديما ، قال القاضي عبد الجبار المعتزلي :
«واذ قد عرفت حدوثها فالذي يدل على انها تحتاج الى محدث وفاعل ، فهو ما قد ثبت ان تصرفاتنا في الشاهد محتاجة إلينا ومتعلقة بنا وانما احتاجت إلينا لحدوثها فكل ما شاركها في الحدوث وجب ان يشاركها في الاحتياج الى محدث وفاعل» (شرح الاصول الخمسة ص ٩٤) ، وقال قريبا منه الغزالي في : قواعد العقائد ص ١٥٢.
وقد سماهم صدر المتالهين قوما من الجدليين المتسمين باهل النظر واولياء التمييز العارين عن كسوة العلم والتحصيل ... (الاسفار ج ١ ص ٢٠٦).
ولكن الحكماء ومتأخري المتكلمين جعلوا علة الحاجة هي الامكان كما جاء في المتن انظر أيضا : فخر الدين الرازي ، المباحث المشرقية ج ١ ص ١٣٤.
(٣) ولصدر المتالهين هنا كلام لطيف وهو : «ان الحدوث كيفية نسبة الوجود المتاخرة عنها المتاخرة عن الوجود المتاخر عن الحاجة المتاخرة عن الامكان ، فاذا كان الحدوث هو علة الحاجة باحد الوجهين كان سابقا على نفسه بدرجات (الاسفار الاربعة ج ١ ص ٧٠٢).
(٤) لانهم لم يجعلوا الحدوث علة غائية بل جعلوها دليلا على الحاجة الى العلة الفاعلية.