الموارد . . . فإنّ إجزاء هذه الأحكام عن الواقعيّات الأوّلية تابع لما يستفاد من الأدلّة من أمر العذر الذي أخذه الشارع في موضوعاتها ، فإن علم منها أنّه العذرُ وقت العمل ، فلا شكَّ في الإجزاء ؛ لأنّ المفروض أنّها بدل عن تلك الأحكام ، ولا معنىٰ للجمع بين البدل والمبدل منه . . . وإن علم منها أنّه العذر المستوعب ، فلا حكم حتّىٰ يبحث عن إجزائه ، وعلىٰ فرض عدم استفادة أحد الأمرين من الأدلّة ، وٱنتهاء النوبة إلىٰ الأصل العملي ، فلا شكَّ أنّ الأصل عدم تلك الأحكام ، فلا بُدّ من إحراز تلك الأوامر أوّلاً ، ثمّ البحث عن إجزائها » (١) .
وقال الشيخ المظفّر ـ بعد أن قرّر أنّ ذهابهم إلىٰ القولِ بالإجزاء غير مستند إلىٰ دعوىٰ أنّ البديهيّة العقلية تقتضي الإجزاء ـ : « لا إشكال في أنّ المأتيَّ به في حال الاضطرار أنقص من المأمور به في حال الاختيار ، والقول بالإجزاء فيه ، معناه : كفاية الناقص عن الكامل ، مع فرض التمكّن من أداءِ الكامل في الوقت أو خارجه ، ولا شكَّ في أنّ العقل لا يرىٰ بأساً بالأمر بالفعل ثانياً بعد زوال الضرورة ؛ تحصيلاً للكامل الذي قد فات منه ، بل قد يلزم العقل بذلك إذا كان في الكامل مصلحة ملزمة لا يفي بها الناقص ، ولا يسدُّ مسدَّ الكامل في تحصيلها .
والمقصود الذي نريد أن نقوله بصريح العبارة : ( أنّ الإتيان بالناقص ، ليس بالنظرة الأُولىٰ ممّا يقتضي عقلاً الإجزاء عن الكامل ) ، فلا بُدّ أن يكون ذهاب الفقهاء إلىٰ الإجزاء لسرٍّ هناك » (٢) .
ثمّ إنّه ذكر أربعة أُمور تصلح كلّها أو بعضها لتوجيه القول بالإجزاء ،
__________________
(١) وقاية الأذهان : ٢٠٠ ـ ٢٠١ .
(٢) أُصول الفقه ٢ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨ .