وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ ) (١) . .
ففد بيّن تعالىٰ ـ من خلال دلالة هذه الآية علىٰ أنّ العداوة للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم مقتضاها الحزن لفرحه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام ، والفرح لمصيبته صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام ـ أنّ المحبّة تقتضي الحزن لمصابهم ، والفرح لفرحهم .
ونظير هذه الدلالة قوله تعالىٰ : ( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ) (٢) . .
فعلىٰ هذه الدلالة القرآنية يكون العزاء وإقامة المأتم والرثاء والندبة علىٰ مصاب السبط عليهالسلام ، بضعة المصطفىٰ ، سيّد شباب أهل الجنّة ، ريحانة الرسول الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من مقتضيات الفريضة العظيمة الخالدة بخلود الدين ، وهي : مودّة القربىٰ .
الثاني : ما عقدنا هذا المقال له ، وهو : إنّ القرآن قد تضمّن الرثاء والندبة علىٰ خريطة وقائمة المظلومين طوال سلسلة أجيال البشرية . .
وقد استعرض القرآن الكريم ظلامتهم ، بدءاً من هابيل إلىٰ بقية أدوار الأنبياء والرسل ، وروّاد الصلاح والعدالة ، والجماعات المصلحة المقاومة للفساد والظلم ، كأصحاب الأُخدود ، وقوافل الشهداء عبر تاريخ البشرية ، وحتّىٰ الأطفال المجني عليهم نتيجة سُنن جاهلية ، كالموؤدة ، بل قد رثىٰ وندب القرآن الناقة ـ ناقة صالح عليهالسلام ـ لمكانتها .
ولم يقتصر القرآن علىٰ الرثاء والندبة لمن وقعت عليهم الظلامات ،
__________________
(١) سورة التوبة ( براءة ) ٩ : ٥٠ .
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٢٠ .