بل أخذ في التنديد بالظالم والعتاة الظلمة ، وتوعّدهم بالعذاب والنقمة والبطش ، كما نجده في جملة من الموارد التي سنتعرّض لها ـ في هذا المقال ـ في السور القرآنية ، وهي :
* الأُولىٰ : قصّة أصحاب الأُخدود في سورة البروج .
فالسورة تستهلّ بالقَسم الإلٰهي أربع مرّات : ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ) (١) ، وهذا الابتداء بمثابة توثيق للواقعة والحادثة التي يريد الإخبار عنها ، وفي هذا منهجاً ودرساً يحثّ علىٰ توثيق الحادثة أوّلاً ، ثمّ الخوض في تفاصيلها ورسم أحداثها .
ثمّ تسرد السورة وقائع الحدث الذي جاء القسم الإلٰهي علىٰ وقوعه ، مبتدئة بلفظ : ( قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ) (٢) ، وهو أُسلوب رثاء وندبة وعزاء ، نظير قول الراثي : قتل الحسين عطشاناً . كما أن توصيفهم بأصحاب الأُخدود بيان لكيفية القتل التي جرت عليهم .
وتواصل السورة تصوير مسرح الحدث ؛ استثارة للعواطف وتهييجها ، وذلك بوصف الأُخدود : ( النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ) (٣) ، وهو بيان لشدّة استعار النار التي أُجّجت لإحراقهم ، وهو وصف لبشاعة الجناية وفظاعتها .
ثمّ يتابع القرآن الكريم قوله : ( إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ) (٤) ، وهو بيان للقطة أُخرىٰ من مسرح عمليات الحادثة التي أوقعها الظالمين علىٰ
__________________
(١) سورة البروج ٨٥ : ١ ـ ٣ .
(٢) سورة البروج ٨٥ : ٤ .
(٣) سورة البروج ٨٥ : ٥ .
(٤) سورة البروج ٨٥ : ٦ .