والروايات في الوصيّة بالورع والاجتهاد كثيرة ، بل إنّ بعض الأصحاب لمّا طلب من الإمام أن يوصيه بشيء ، لم يوصه إلّا بذلك ؛ قال : « قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أوصني . قال : أُوصيك بتقوىٰ الله والورع والاجتهاد » (١) .
ومعلومٌ أنّ « الورع » فوق « التقوىٰ » .
فمَن كان ذا ورع عند الشبهات ، وذا اجتهاد في العبادات ، خاصّةً في الصلاة ، وفاعلاً للخيرات ، بجميع معاني الكلمة ، كان « زَيْناً » لأهل البيت عليهم السلام ، وقدوةً صالحةً في المجتمع ؛ لأنّ تلك الحالات والملكات الموجودة فيه « داعية » للآخرين « بغير لسان » .
فالمستفاد من النصوص في المقام ـ بإيجاز ـ هو :
إنّه لا مانع من أن يقوم الشخص بتبليغ تعاليم أهل البيت أو يتصدّىٰ لتدريس بعض علومهم عليهم السلام . . إن كان أهلاً لذلك . .
وأمّا كونه داعياً إلىٰ مذهبهم ، بأن ينصب نفسه كمعرّف لفكرهم وتعاليمهم ، فقد وضعوا له شروطاً وصفات يجب أن تتجسّد فيه ، فإذا توفّرت فيه ووصلت إلىٰ تلك المرحلة ، فلا حاجة إلىٰ « الألسنة » .
* * *
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ / ٨٦ ح ٢٠٢ .