نفسه ويقول لهم : كونوا مثلي ، ولذا جاء في رواية أُخرىٰ في الباب : « كونوا دعاةً إلىٰ أنفسكم بغير ألسنتكم » (١) ، فكأنّه يطرح نفسه في المجتمع بعنوان أنّه من خرّيجي مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، ومن المؤدّبين بآدابهم والحاملين لعلومهم . . . فيدعو الآخرين لأن يكونوا مثله ، ويدخلوا مدخله . .
يكونون مثله ؟ ! في أيّ شيء ؟
١ ـ في الفكر والعقيدة ؛ بأن يمثّل أهل البيت عليهم السلام في فكرهم : في المبدأ والمعاد ، وفي النبوّة والإمامة ، وفي سائر المعارف الدينيّة .
٢ ـ في العبادة والعمل ؛ بأن يكون تابعاً لأهل البيت عليهم السلام في أداء الفرائض والالتزام بالنوافل والسُنن .
٣ ـ في الأخلاق والصفات ؛ بأن يكون مبتعداً عن الصفات السيّئة ، ومتخلّقاً بالأخلاق الفاضلة الكريمة .
فمَن توفّرت فيه تعاليم أهل البيت عليهم السلام في الأبعاد الثلاثة المتعلّقة بالفكر والجوارح والنفس ، جاز له أن ينتسب حقيقةً إلىٰ مدرسة العترة الطاهرة ، ويدّعي الانتماء الواقعي إلىٰ مذهبهم ، وصلح لأن يكون داعيةً إليهم ، وكان أهلاً لأن يدعو « الناس » قاطبةً ، وحينئذٍ لا حاجة إلىٰ القول باللسان ، ولذا جاء في الرواية : « وكونوا زيْناً ولا تكونوا شيْناً » (٢) ؛ لأنّ هكذا إنسان يعرّف مذهبه وٱنتمائه إليه بسلوكه بين الناس ؛ قال عليه السلام : « ليروا منكم . . . » ولم يقل : « ليسمعوا منكم » ، بل « ليروا » بالفعل « الورع والاجتهاد . . . » .
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ / ٧٦ ح ١٧٠ .
(٢) وسائل الشيعة ١ / ٧٦ ح ١٧٠ .