..................................... |
|
إنْ صحّ أنّ الليلَ كافِـرْ (١) |
يعني : إنْ تعـرّضَ لتلك الاعتراضات فقد ظَـلمَ وأظلمَ كمن خاض في لُـجٍّ من الظلمات .
وما ذكرتُ هذ النبذة إلّا للإشـارة إلىٰ جواب ذلك السـؤال من الوجهة الدينية محضاً ، وإن كـنت أعلم أنّ ذلك ممّا لا يُعَوِّل عليه المشـكّك الناقد ، ولا يعتدّ به المُعْتَرِضُ المُتَحَيِّر ، سـيّما لو كان ممّن لا يعرف الحسـين عليهالسلام كما تعرفه علماء الشـيعة وخواصّها ، إماماً معصوماً لا يتطرّق إليه العبث والعيث (٢) ، فضلا عن الغلط والاشـتباه ، بل غاية ما يقول فيه أنّه من عَلِيّةِ الرجال وأفاضلهم ، نسـباً ونفسـاً وشـجاعة وبراعة ، لكن لا يمنع كُلُّ ذلك مِنْ أنْ يجري عليه ما يجري علىٰ غيره مِن نوابغ الدهر ، وأفذاذ البشـر ، من الصواب تارة ، والخطأ أُخرىٰ ، والاسـتقامة أحياناً ، والالتواء حيناً ، وكرم سـجاياه وعظم مزاياه لا يقع سـدّاً بين العقول وبين النقد عليه في بعض سـيرته وسـياسـته ، إن لم يكن في كلّها ؛ والكمال لله .
__________________
(١) عجز بيت من قصيدة للشاعر بهاء الدين زهير ، المتوفّىٰ ٦٥٦ هـ ، وتمامه في الديوان ، ص ١٥٦ :
لي فيكَ أجرُ مجاهِدٍ |
|
إنْ صحَّ أنّ الليلَ كافِرْ |
والكَفر ـ لغةً ـ : ستر النعمة ، وأصله الكَفر ـ بالفتح ـ ؛ أي : الستر ، ومنه سُمّيَ المزارع كافراً لستره البذر ، وقيل : الليل كافر ؛ لأنّه يستر بظلمته كلّ شيء ، وكَفَر الليلُ الشيءَ ، وكَفر عليه ؛ بمعنىٰ غطّاه .
ٱنظر : تفسير الطبري ١ / ١٤٣ ، فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ / ٢٢ ، لسان العرب ١٢ / ١٢٠ مادّة « كفر » ، تاج العروس ٧ / ٤٥٢ مادّة « كفر » .
(٢) الـعَـيْـثُ : مصدر عاثَ يعيثُ عَيثاً وعُيوثاً وعَيثاناً : أفسد وأخذ بغير رفق ، وقيل : هو الإسراع في الفساد .
ٱنظر : لسان العرب ٩ / ٤٩١ مادّة « عيث » .