والشـعور (١) ، وبعد إثبات تلك العناية ورسـوخ الاعتقاد بها يهون ويسـهل إثبات ما يتفرّع عليها من تلك النظريات .
وأنّ مِنْ لازم تلك العناية ، بعث الهُداة والمُرشـدين البالغين أقصىٰ مراتب الكمال البشـري ؛ لتكميل الناقصين من بني جنسـهم ، ولا يتسـنّىٰ التكميل والاهتداء إلّا بالتسـليم والانقياد لهم ، واليقين بعصمتهم عن الخطأ والخطيئة ، وأنّهم مؤيدون بتلك العناية .
وبعد الإلزام بكلّ هاتيك المبادئ عن براهينها ، لا يبقىٰ مجال للشـكّ والارتياب ، والنقد والاعتراض في شـيء من أعمالها مهما كانت في الفظاعة والاسـتنكار في مطارح العقول المحدودة والأفكار المحجوبة .
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (٢) .
ولعلّ إلىٰ ذلك أشـاروا سـلام الله عليهم بقولهم ـ إنْ صحّ الحديث ـ : « نحـن أسـرار الله المودعـة في هيـاكل البشـرية ؛ يـا سـلمان ! أنزلونا عن الربوبية ثـمّ قولـوا فينـا مـا اسـتطعتم ، فإنّ البحـر لا ينـزف ، وسـرّ الغـيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لِم ؟ وممَّ ؟ وبمَ ؟ فقد كفر » (٣) .
ولعلّ المراد بالكفر معناه الأوّل ، وهو الظلام . .
__________________
(١) إشارة إلىٰ المادّيّين الّذين يسلّمون بوجود المادّة وحدها ، وبها يفسّرون الكون والمعرفة والسلوك ، ويقولون بأنّ الطبيعة هي المدبّرة لعوامل الكون .
(٢) سورة النساء ٤ : ٦٥ .
(٣) اللمعة البيضاء ـ للتبريزي ـ : ٦٤ ـ ٦٥ عن معاني الأخبار ، الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة ـ للسيّد عبـد الله شبّر ـ : ٢٠١ .