أرادت أن تُعَرِّفَهُ خِسَّةَ قدره ، وضعة مقداره ، وشـناعة فعله ، ولؤم فرعه وأصله ، وتعاليها عن حواره ، وترفّعها عن مخاطبته ، فقالت وتعاظمت بحقّ وٱسـتطالت :
ولئن جرّت علَيَّ الدواهي مخاطبتك أنّي أسـتصغر قدرك وأسـتعظم تقريعك ، وأسـتكبر توبيخك ، لكنّ العيون عبرىٰ ، والصدور حرّىٰ ، ألا فالعجب كلّ العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشـيطان الطلقاء .
ثمّ أرادت أن تجسّم له عياناً مقام العزّة ، وموضع الصبر والجلد والثبات والسـكينة . .
أرادت أن تعرِّفَهُ والناسَ جميل النظر في العاقبة ، وأنّ الأُمور بعواقبها ، والأعمال بخواتمها ، وأنّ شـرف الغاية ـ كما يقال ـ يبرّر الواسـطة (١) . .
أرادت أن تعرّفه شـرف آبائها وأبنائها ، وأنّ القتل والشـهادة ما زادهم إلّا فخاراً ، وما جلب لعدوّهم إلّا عاراً وناراً ، فقالت وما أبلغ ما قالت :
__________________
(١) أقـول : نعم ، إنّ شـرف الغاية يبرّر الواسـطة ، ولكن لا يكون ذلك إلّا لمَن عصمه الباري عزّ وجلّ عن كلّ خطأ وزلل ، فتقييم المعصوم لشـرف الغاية ونوع الوسـيلة يكون تقييماً إلٰهيّـاً لا يسـتند إلىٰ الهوىٰ والرغبات الشـخصية ، فكلّ الوسـائل التي يتّبعها للوصـول إلىٰ الغايـة لا تخرج عن كونها وسـائل شـرعية .
ولعِلم المصنّف قدسسره بأنّ مقولة : « شـرف الغاية يبرّر الواسـطة » علىٰ إطلاقها غير صحيحة ؛ لتعذُّر تشـخيص الغاية الشـريفة من غيرها ممّن هم دون مرتبة العصمة ، الّذين تتعدّد اجتهاداتهم وآراؤهم تبعاً لأهوائهم وتصوّراتهم في تقييم الغايات وتشـخيص الوسـائل الصحيحة للوصول إليها ؛ لذا اعترضها بقوله : « كما يقال » ؛ فلاحـظ !