كفر » ، فيكفينا أن نقول : إنّ فيه حَجْراً لعقل الإسـلام الذي خُلق حرّاً طليقاً بحكم التشـريع الإسـلامي ، ونتسـاءل كيف أباح النبيّ محمّـد صلىاللهعليهوآلهوسلم لنا إدراك الله عن طريق العقل بعد التفكير والتكييف والمقارنة والمشـابهة والظنّ والشـكّ والريبة وما أشـبه ذلك ، ثمّ تكون هذه الأشـياء كلّها شـرعية بنظر القانون الإسـلامي ، ولم يبح لنا إدراك كـنه « أسـرار الله المودعة ، وسـرّ الله الذي لا يعرف ، وكلمة الله التي لا توصف » المتجسّمة في شـخصه وشـخص ذرّيّته من بعده ؟ !
إنّ هذا المنع المجرّد عن العقل والرويّة يعرّض الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إذا كان صادراً عنه ـ إلىٰ عدّة انتقادات عقليّة ، أهمّها : إنّه أباح للعقل أن يدرك الله تعالىٰ عن طريق الظنّ والتفكير الذي حرّمه لإدراك شـخصه ، وبذلك جعل نفسـه فوق الله تعالىٰ ، وإنْ كانت هـذه النفس هي خليقة الله والخاضعـة لأمر الله !
هذا ، فضلاً عن أنّ هذا الادّعاء المتجسّم في كلمة « سـرّ الغيب الذي لا يعرف ، وكلمة الله التي لا توصف » يجعل للشـكوك والأوهام سـبيلاً للوقـوف حائـلاً بيـن حكم العقـل وعاطفة الاعتقاد ، ولماذا لا يُعرف رسـول الله الذي هو كلمـة الله ، وله أعمال وأقوال تدلّ علىٰ شـخصه وتنمّ عن سـجاياه وأخلاقـه ؟ !
ومتىٰ كانت أعمـال الرجل وأقواله وتصـرّفاته الدينيّـة والاجتماعية بين أيدينا ، يمكـننا أن نحكم علىٰ شـخصيّته من أنّها شـخصية صالحة إذا كانت أعماله وأقواله توافق الصلاح ، وأن نحكم علىٰ هذه الشـخصية من أنّها شـخصية مجرمة فاسـدة فيما إذا كانت أعماله وأقواله تأتي الفسـاد ، وترتكب الإجرام والفوضىٰ الاجتماعية !