ولقـد كان لأمير المؤمنين عليهالسلام في المدينة من الضياع والبسـاتين والمزارع ، كعين أبي نيزز والبغيبغة وغيرها (١) ، ما يدرّ كلّ سـنة بأُلوف الدنانيـر ، وقـد أوقفهـا جميعـاً في سـبيل الله ، وكان يضـرب بالمسـحاة بيده في عقار الله ، لا حرصـاً علىٰ الدنيا والأموال ، ولكن حرصاً علىٰ الإنفاق في سـبيل الله والإحسـان علىٰ الضعفاء من عباد الله (٢) .
__________________
= الدنيا ، قال : الذي يترك حلالها مخافة حسابه ، ويترك حرامها مخافة عقابه ؛ ونحـوه في معاني الأخبار : ٢٨٧ .
(١) ٱنظر في ما يخصّ أملاك أمير المؤمنين عليهالسلام التي تصدّق بها : تاريخ المدينة ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٨ ، الكامل في اللغة والأدب ٢ / ١٥٣ ـ ١٥٥ ، مناقب الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ لسليمان الكوفي ـ ٢ / ٨١ ـ ٨٣ ، معجم ما استعجم ١ / ٢٦٢ ، الإصابة ٧ / ٣٤٣ رقم ١٠٦٦٠ ، معجم البلدان ٤ / ١٩٨ رقم ٨٦٩٩ .
وأبو نيزر ـ الذي تنسـب إليه العين ـ هو مولىً للإمام عليّ عليهالسلام ، كان ابناً للنجاشي ملك الحبشة ـ الذي هاجر إليه المسلمون ـ لصُلبه ، وجده الإمام عليّ عليهالسلام عند تاجر بمكّة فاشتراه منه وأعتقه مكافأةً بما صنع أبوه مع المسلمين حين هاجروا إليه ، وذكروا أنّ الحبشة مَرِجَ عليها أمرُها بعد موت النجاشي ، وأنّهم أرسلوا وفداً منهم إلىٰ أبي نيزر وهو مع الإمام ليُمَلّـكوه عليهم ويتوّجوه ولا يختلفوا عليه ، فأبىٰ ، وقال : ما كنت لأطلب الملك بعد أن مَـنَّ الله علَيَّ بالإسلام .
ٱنظر ترجمته في المصادر المذكورة آنفـاً .
(٢) قال السـيّد رضي الدين بن طاووس الحسـني قدسسره في كـتابه القيّم « كشـف المحجّة » ما هذا لفظه :
وٱعلـم يا ولـدي محمّـد . . . أنّ جماعـة ممّـن أدركـتهم كانـوا يعتقـدون أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جدّك محمّـداً وأباك عليّـاً صلوات الله عليهما كانا فقيرين لأجل ما يبلغهم إيثارهم بالقوت وٱحتمال الطوىٰ والجوع والزهد في الدنيا ، فاعتقد السـامعون لذلك الآن أنّ الزهد لا يكون إلّا مع الفقر ، وتعذّر مع الإمكان .
وليس الأمر كما اعتقده أهل الضعف ، المهملين للكشـف ؛ لأنّ
الأنبياء عليهمالسلام أغنىٰ أهل الدنيا ؛ بتمكين الله جلّ جلاله لهم ممّا يريدون منه جلّ جلاله من
الإحسـان إليهم ، ومن طريق نبوّتهم كانوا أغنىٰ أُممهم وأهل ملّتهم ، ولولا
اللطف
=