أمّا القول الأوّل :
فهو يمثّل اتّجاهاً لدىٰ بعض فقهاء أهل السُنّة ، يفسح المجال لتدخّل العقل في التشريع ، بذريعة عدم بيان الشريعة لأحكام جميع الموضوعات ، وهذا الاتّجاه هو المعروف بـ : « اجتهاد الرأي » ، في قبال التعبّد بالنصوص وعدم الانسياق وراءَ الرأي والتقدير الشخصي في مجال تحديد الأحكام ، الذي كان عليه أئمة أهل البيت عليهمالسلام والسائرون علىٰ هداهم . .
قال ابن حزم : « فكان ممّا حدث بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم أربعة أشياء غلط فيها القوم فتديّنوا بها ، ووفّق الله تعالىٰ آخرين لإسقاط القولِ بها ، ويسّرهم للثبات علىٰ ما بيّنه تعالىٰ في كتابه وعلىٰ لسانِ رسوله ، وتلك الأشياء التي حدثت هي : الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد .
فكان حدوث الرأي في القرن الأوّل . . . وحقيقة معنىٰ لفظ الرأي الذي اختلفنا فيه هو : الحكم في الدين بغير نصّ ، ولكن بما رآه المفتي أحوط وأعدل في التحريم والتحليل أو الإيجاب .
ومَن وقف علىٰ هذا الحدّ وعرف معنىٰ الرأي ، اكتفىٰ في إيجاب المنع منه بغير برهان ؛ إذ هو قول بلا برهان » (١) .
ويمكن إبطال هذا القول بالأدلّة التالية :
الدليل الأوّل :
ما دلّ من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة علىٰ انحصار حقّ
__________________
(١) الصادع في الردّ علىٰ من قال بالقياس والرأي والاستحسان والتعليل ، مجلّة دراسات أُصولية ـ قم ، العدد المزدوج ( ٤ ـ ٥ ) ، ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ .