مجهول ، وأصحاب معاذٍ من أهل حمص لا يُعرفون ، وما هذا طريقه لا وجه لثبوته » (١) .
وقال ابن حزم : « لا يصحّ ؛ لأنّ الحارث مجهول ، وشيوخه لا يُعرفون ، فلا يحلّ الاحتجاج به لسقوطه ، وهو باطل لا أصل له » (٢) .
* ثانياً : إنّ هذا الحديث معارَض بحديث آخر رواه ابن ماجة في الواقعة نفسها بسنده « عن معاذ ، قال : لمّا بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ اليمن قال : لا تقضينَّ ولا تفصلنَّ إلّا بما تعلم ، وإن أشكل عليك أمر فقف حتّىٰ تتبيّنه ، أو تكتب إليَّ فيه » (٣) .
ويعضد هذا الحديث موافقته لآيات الكتاب المتقدّمة ، التي تحرّم علىٰ الإنسان ممارسة التقنين ، وتصرّح بانحصار حقّ التشريع بالله عزّ وجلّ .
* ثالثاً : إنّ السيرة العملية لمعاذ تكذِّب هذا الحديث ؛ فقد روىٰ مالك في موطّئه : « أنّ معاذ بن جبل الأنصاري أخذ من ثلاثين بقرة تبيعاً ، ومن أربعين بقرة مسنّة ، وأُتي بما دون ذلك ، فأبىٰ أن يأخذ منه شيئاً ، وقال : لم أسمع من رسول الله فيه شيئاً ، حتّىٰ ألقاه فأسأله » (٤) . .
فسيرة معاذ في اليمن لم تكن قائمة علىٰ اجتهاد الرأي ، وإنّما كانت علىٰ التوقّف ومراجعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ما لا يعلم حكمه ، تطبيقاً لِما أوصاه به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الرواية التي تقدّم ذكرها عن ابن ماجة .
__________________
(١) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ٢ / ٧٥٨ ح ١٢٦٤ .
(٢) الإحكام في أُصول الأحكام ٦ / ٣٧٣ .
(٣) سُنن ابن ماجة ١ / ٢١ ح ٥٥ .
(٤) الموطّأ ١ / ٢٦٠ باب : ما جاء في صدقة البقر .