[مسير السلطان إلى الموصل]
وفيها سار السّلطان الملك النّاصر قاصدا الموصل ، فلمّا قارب حلب تلقّاه صاحبها الملك العادل أخوه ، ثمّ عدّى الفرات إلى حرّان ، وكانت إذ ذاك لمظفّر الدّين ابن صاحب إربل ، وقد بذل خطّه بخمسين ألف دينار يوم وصول السّلطان إلى حرّان برسم النّفقة ، فأقام السّلطان أيّاما لم ير للمال أثرا ، فغضب على مظفّر الدّين واعتقله ، ثمّ عفا عنه ، وكتب له تشريفا بعد أن تسلّم منه حرّان ، والرّها ، ثمّ أعادهما إليه في آخر العام. وسار إلى الموصل فحاصرها وضايقها ، وبذلت العامّة نفوسهم في القتال بكلّ ممكن لكون بنت السلطان نور الدّين ، وهي زوجة صاحب الموصل عزّ الدّين سارت إلى صلاح الدّين قبل أن ينازل البلد ، وخضعت له تطلب الصّلح والإحسان ، فردّها خائبة ، ثمّ إنّه ندم ، ورأى أنّه عاجز عن أخذ البلد عنوة ، فأتت الأخبار بوفاة شاه أرمن صاحب خلاط ، وبوفاة نور الدّين محمد صاحب حصن كيفا وآمد ، فتقسّم فكره ، واختلفت آراء أمرائه ، فلم يلبث أن جاءته رسل أمراء خلاط بتعجيل المسير إليهم ، فأسرع إليهم ، وجعل على مقدّمته ابن عمّه ناصر الدّين محمد بن شيركوه ومظفّر الدّين كوكبوري ابن صاحب إربل إلى خلاط ، فوجد الأمير بكتمر مملوك شاه أرمن قد تملّك ، فنزلا بقربها.
ووصل الملك شمس الدّين البهلوان محمد بن ألدكز بجيش أذربيجان ليأخذ خلاط فنزل أيضا بقربها. وكان الوزير بها مجد الدّين عبد الله بن الموفّق بن رشيق ، فكاتب صلاح الدّين مرّة ، وصلاح الدّين أخرى (١).
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١١ / ٥١١ ـ ٥١٤ ، زبدة الحلب ٣ / ٨٢ ، مفرّج الكروب ٢ / ١٦٨ ، تاريخ الزمان ٢٠٣ ، تاريخ مختصر الدول ٢١٩ ، ٢٢٠ ، النوادر السلطانية ٦٧ ـ ٦٩ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٦٩ ، مضمار الحقائق ٢١٢ ـ ٢١٨ ، العبر ٤ / ٢٤١ ، دول الإسلام ٢ / ٩١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٤ ، مرآة الجنان ٣ / ٤١٨ ، ٤١٩ ، البداية والنهاية ١٢ / ٣١٥ ، ٣١٦ ، العسجد المسبوك ١٩٤ ، المغرب في حلى المغرب ١٥١ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٠٣ ، السلوك ج ١ ق ١ / ٨٩ ، ٩٠ ، شفاء القلوب ١١٤ ـ ١١٦ ، تاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) ١ / ١٦٩.