هارون من موسى غير النّبوّة ، فلو كان مع النّبوة غيرها لاستثناها رسول الله صلىاللهعليهوآله وقوله : إنّي تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما كتاب الله وعترتي ولا تقدّموهم ولا تتخلّفوا عنهم ولا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم.
فينبغي أن لا تكون الخلافة على الأمّة إلّا لأعلمهم بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله وقد قال اللهعزوجل: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
قال : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) وقال : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما ولّت أمة قط أمرها رجلا وفيهم من أعلم منه إلّا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتّى يرجعوا إلى ما تركوا ، فما الولاية غير الأمارة على الأمة.
والدليل على كذبهم وباطلهم وفجورهم أنّهم سلّموا عليّ بإمرة المؤمنين بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي الحجّة عليك وعليهم خاصّة وعلى هذا الذي معك ـ يعني الزّبير ـ وعلى الأمّة ، وأشار إلى سعد وابن عوف ، وخليفتكم هذا القائم ـ يعني عثمان ـ وإنا معشر الشورى ستّة أحياء كلنا فلم جعلني عمر في الشورى؟ أن قد صدق هو وأصحابه على رسول الله أنّه قال : ليس لنا في الخلافة شيء أليس أمرنا شورى في الخلافة أم في غيرها ، وإن زعمتم إنّما جعلها في غير أمارة فليس لعثمان أمارة لأنّه أمرنا أن نشاور في غيرها ، وإن كانت المشاورة فيها فلم؟ أدخلني فيكم؟ فهلّا أخرجني وقد كان شهد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخرج أهل بيته من الخلافة وأخبر أنّه لا نصيب له فيها ، ولم قال عمر لعثمان حين دعانا رجلا رجلا لابنه وكان شاهدا ، يا عبد الله بن عمر أنشدك الله ما قال لك حين خرجت؟ فقال عبد الله : أمّا إذا ناشدتني فإنّه قال : إن يبايعوا أصلع بني هاشم يحملهم على المحجّة البيضاء وأقامهم على كتاب الله عزوجل وسنّة نبيّه قال : فقال عليّ : ما قلت له حين قال لك ذلك ، قال : قلت : ما يمنعك أن تستخلفه، قال : فما ردّ عليك؟ قال : ردّ عليّ شيئا أكتمه.
قال علي : فإن رسول الله أخبرني به قبل موته بثلاثة أيّام ، وليلة مات فيها أبوك رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامي ، ومن رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامه فقد رآه ، فقال له ابن عمر : فما أخبرك؟
فقال له عليّ : عليهالسلام أنشدك بالله إنّي إن أخبرك لتصدّقني ، قال ابن عمر : أو أسكت ، قال : فإنّه حين قال لك قلت له أنت : فما يمنعك أن تستخلفه؟ قال : الصّحيفة التي كتبناها والعهد في الكعبة في حجّة الوداع ، قال : فسكت ابن عمر ، فقال [علي] : أسألك بحقّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لما أمسكه عنّي؟
قال : أبان ـ يعني ابن أبي عيّاش ـ عن سليم : فرأيت ابن عمر في ذلك المجلس وقد خنقته العبرة وعيناه تسيلان ، ثم أقبل علي على طلحة والزبير وابن عوف وسعد فقال : والله إن كان أولئك