العامّة أن يبلغوا العامّة بحجّة من لا يبلغ عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بما بعثه الله به غيرهم
ألا ترى يا طلحة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لي وأنتم تسمعون : إنّه لا يقضي ديني ولا يبري ذمّتي ويؤدّي ديني وأمانتي ويقاتل عن سنّتي غيري ، فلمّا ولي أبو بكر ما قضى عن رسول الله صلىاللهعليهوآله دينه ولا عداته فاتبعتهما جميعا فقضيتهما عنه ، وأخبرني أنّه لا يقضي دينه ولا عداته غيري فلم يكن ما أعطاهم أبو بكر قضاء لدينه وعداته وإنّما عليّ قضى دينه وعداته هو الذي قضى وأبرأ ذمّته وقضى أمانته ، وإنّما يبلّغ عن رسول الله جميع ما أتى به عن الله عزوجل من بعده الأئمّة الّذين افترض الله في الكتاب طاعتهم وأمر بولايتهم ، والّذين من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله فقال طلحة فرّجت عنّي ما كنت أدري ما عنى بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى فسّرتها لي فجزاك الله يا أبا الحسن عن جميع الأمّة حسنة. (١)
الثالث والأربعون : سليم بن قيس في كتابه قال الاشعث بن قيس لأمير المؤمنين عليهالسلام : يا ابن أبي طالب ما منعك حين بويع أخو تيم بن مرّة وأخو بني عدي وأخو بني أمية بعدهما أن تقاتل وتضرب بسيفك فإنّك لم تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلّا قلت فيها : والله إني أولى الناس بالنّاس وما زلت مظلوما ، قال : قد قلت فاستمع الجواب لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهة للقاء ربي وأن لا أكون أعلم إنّ ما عند الله خير لي من الدّنيا بما فيها ، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله وعهده إليّ ، أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله ما الأمّة [فاعله] بعده ، فلم أكن بما صنعوا حين عاينته بأعلم منّي به ولا أشدّ يقينا به منّي قبل ذلك ، بل أنا بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله أشدّ يقينا لما عاينت وشاهدت فقلت لرسول الله صلىاللهعليهوآله : فما تعهد إليّ إذا كان ذلك؟ قال : إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فكفّ يدك واحقن دمك حتّى تجد على إقامة كتاب الله وسنّتي أعوانا ، وأخبرني أنّ الأمّة ستخذلني وتتّبع غيري ، وأخبرني أني منه بمنزلة هارون من موسى وأنّ الأمّة سيصيرون بعده بمنزلة هارون ومن تبعه ، ومنزلة العجل ومن تبعه ، فقال موسى : يا هارون (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) وقال : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) وإنّما يعني أن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلّوا ثمّ وجد أعوانا أن يجاهدهم ، وإن لم يجد أعوانا أن يكفّ يده ويحقن دمه ولا يفرّق بينهم ، وإنّي خشيت أن يقول أخي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فرّقت بين الأمّة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك إن لم تجد أعوانا فكفّ
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس ٢٠٣ ـ ٢٠٩ مع تفاوت.