وابتزوا خلافته وغالطوه في علمه فقلت : يا رسول الله من هذا؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هذا ملك من ملائكة ربّي عزوجل ينبّئني إنّ أمّتي تختلف على وصيّي عليّ بن أبي طالب وإنّي أوصيك يا أبيّ بوصيّة إن حفظتها لم تزل بخير ، يا أبيّ عليك بعليّ فإنّه الهادي المهديّ النّاصح لأمّتي المحيي لسنّتي وهو إمامكم بعدي فمن رضي بذلك لقيني على ما فارقته عليه ، يا أبيّ ومن غيّر ومن بدّل لقيني ناكثا لبيعتي عاصيا أمري جاحدا لنبوّتي لا أشفع له عند ربّي ولا أسقيه من حوضي ، فقامت إليه رجال الأنصار فقالوا له : اقعد رحمك الله يا أبيّ فقد أدّيت ما سمعت ووفيت بعهدك (١).
الثاني والستون : الطبرسي في الاحتجاج عن جعفر بن محمّد الصّادق عليهالسلام عن أبيه عن جدّهعليهالسلام قال : لمّا كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه الانقباض ، فكبر ذلك على أبي بكر وأحبّ لقائه واستخراج ما عنده والمعذرة إليه ممّا اجتمع الناس عليه وتقليدهم إياه أمر الأمّة وقلّة رغبته في ذلك وزهده فيه ، أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة ، فقال : يا أبا الحسن والله ما كان هذا الأمر عن مواطاة منّي ولا رغبة فيما وقعت فيه ولا حرص عليه ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمّة ، ولا قوّة لي بمال ولا كثرة العشيرة ولا استيثار به دون غيري ، فما لك تضمر عليّ ما لا أستحقّه منك وتظهر لي الكراهة لما صرت فيه وتنظر إليّ بعين الشنآن لي؟ قال : فقال عليّ : فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه ولا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به قال : فقال أبو بكر : حديث سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله (إنّ الله لا يجمع أمّتي على ضلال) ولمّا رأيت إجماعهم اتبعت حديث النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وفي نسخة قول النّبي صلىاللهعليهوآله وأحلت أن يكون إجماعهم على خلاف الهدى من الضّلال فأعطيتهم قود الإجابة ، ولو علمت أن أحدا يتخلّف لامتنعت ، فقال عليّ عليهالسلام : أما ما ذكرت من حديث النبيّ صلىاللهعليهوآله (انّ الله لا يجمع أمّتي على ضلال) أو كنت من الأمّة أو لم أكن ، قال : بلى ، قال : وكذلك العصابة الممتنعة عنك من سلمان وعمّار والمقداد وأبي ذر وابن عبادة ومن معه من الأنصار ، قال : كلّ من الأمّة ، قال عليّ عليهالسلام : فكيف تحتج بحديث النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمثال هؤلاء قد تخلّفوا عنك وليس للأمّة فيهم طعن ولا في صحبة الرسول صلىاللهعليهوآله ولصحبته منهم تقصير؟ قال : ما علمت بتخلّفهم إلّا من بعد الابرام وخفت أن قعدت عن الأمر أن يرجعوا الناس مرتدين عن الدّين فكان ممارستكم إلي أن أجبتم أهون مئونة على الدّين وإبقاء من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعون كفّارا ، وعلمت أنّك لست بدوني في الابقاء عليهم وعلى
__________________
(١) الاحتجاج : ١ / ١٥٤.