وجعل يقلّب وجهه لله على الأرض شكرا» (١).
التسعون : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن جعفر الرزاز أبي العباس القرشي قال : حدّثنا أيوب بن نوح بن دراج قال : حدّثنا محمد بن سعيد بن زائدة عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن محمد بن علي وعن زيد بن علي كليهما عن ابيهما عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليهمالسلام قال : «لمّا ثقل رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجري ، والبيت مملوء من أصحابه من المهاجرين والأنصار والعباس بين يديه يذب عنه بطرف ردائه ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يغمى عليه ساعة ويضيق ساعة ثم وجد خفة وأقبل على العباس فقال : يا عباس ، يا عم النبي ، اقبل وصيتي في أهلي وفي أزواجي واقض ديني وأنجز عداتي وأبرئ ذمتي ، فقال العباس : يا نبي الله ، أنا شيخ ذو عيال كثير غير ذي مال ممدود وأنت أجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة ، فلو صرفت ذلك عني إلى من هو أطوع له مني ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها ومن لا يقول ، به مثل ما تقول يا علي هاكها خالصة لا يخافك فيها أحد ، يا عليّ اقبل وصيتي وانجز مواعيدي وادّ ديني ، يا علي اخلفني في أهلي وبلّغ عني من بعدي.
قال علي عليهالسلام : فلما نعى إليّ نفسه رجف فؤادي والقى عليّ لقوله البكاء فلم أقدر أن أجيبه بشيء ثم عاد لقوله فقال : يا علي أوتقبل وصيتي؟ قال : فقلت وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن أبين : نعم يا رسول الله ، فقال صلىاللهعليهوآله : يا بلال ائتني بسوادي ، ائتني بذي الفقار ودرعي ذات الفضول ، ائتني بمغفري ذي الحبين ورايتي العقاب ، ائتني بالعنزة والممشوق ، فأتى بلال بذلك كله إلّا درعه كانت يومئذ مرتهنة ثم قال : ائتني بالمرتجز والعضباء وأتني باليعفور والدلدل ، فأتى بهما فوقفهما بالباب ، ثم قال : ائتني بالاتحمية والسحاب ، فأتى بهما ، فلم يزل يدعو بشيء شيء فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب، فطلبها فأوتي بها والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار ثم قال : يا علي قم فاقبض هذا ، ومدّ إصبعه وقال : في حياة مني وشهادة من في البيت لكي لا ينازعك أحد من بعدي ، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي.
فقال : يا علي اجلسني فأجلسته وأسندته إلى صدري قال علي عليهالسلام : فلقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وان رأسه ليثقل ضعفا وهو يقول يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم : إن أخي ووصيي ووزيري
__________________
(١) أمالي الشيخ الطوسي : ٥٩٢ / مجلس ٢٥ / ح ١٥.