يعجزه لحاق الهاربين ، يهدم كل لذة ويزيل كل نعمة ويشبع كل بهجة ، والدنيا دار الفناء ولأهلها منها الجلاء ، وهي حلوة خضرة قد عجلت للطالب ، فارتحلوا عنها يرحمكم الله بخير ما يحضر بكم من الزاد ، ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ ، ولا تمدوا أعينكم منها إلى ما متع به المترفون.
ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واخلولقت واذنت بوداع ، وان الآخرة قد رحلت واقبلت باطلاع، معاشر الناس كاني على الحوض يرد قوم عليّ منكم وستؤخر أناس من دوني فأقول : يا رب مني ومن أمتي ، فيقال : هل شعرت بما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم ، أيها الناس أوصيكم في عترتي وأهل بيتي خيرا فإنهم مع الحق والحق معهم ، وهم الأئمة الراشدون بعدي والأمناء المعصومون» فقام إليه عبد الله بن العباس فقال : يا رسول الله كم الأئمة بعدك قال : «عدد نقباء بني إسرائيل وحواري عيسى تسعة من صلب الحسين ، ومنهم مهدي هذه الأمة» (١).
الحديث التاسع والأربعون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله الشيباني رحمهالله قال : حدّثنا صالح بن أحمد بن [أبي] مقاتل عن زكريا عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : حدّثنا مسكين بن عبد العزيز عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي» فقلنا : يا رسول الله ومن أهل بيتك قال : «أهل بيتي عترتي من لحمي ودمي ، هم الأئمة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل» (٢).
الحديث الخمسون : ابن بابويه قال : حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال : حدّثنا جبرائيل بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي قال : حدّثنا الحسن بن محمد الصيرفي عن حنان بن سدير عن أبيه سدير بن حكيم عن أبيه عن أبي سعيد عقيصا قال : لما صالح الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال : «ويحكم ما تدرون ما عملت ، والله الذي عملت خيرا لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت ، ألا تعلمون أني إمامكم ومفترض الطاعة عليكم وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّ؟» قالوا : بلى قال : «أو ما علمتم أن الخضر لما خرق السفينة واقام الجدار وقتل الغلام كان ذلك سخطا لموسى بن عمران أن خفي عليه وجه الحكمة في ذلك ، وكان ذلك عند الله تعالى حكمة وصوابا ، أفما علمتم أنه ما منا أحد الا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسى ابن مريم عليهالسلام ، فإن
__________________
(١) كفاية الأثر : ١٠٤.
(٢) كفاية الأثر : ٨٩.