أقبل بوجهه الكريم علينا ثم قال : «معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله والعمل بطاعته فمن عمل بها فاز ونجح وغنم ، ومن تركها حلّت عليه الندامة فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة ، فكأني ادعى فاجيب واني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ومن تمسّك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ومن تخلف عنهم كان من الهالكين ، فقلت : يا رسول الله على من تخلّفنا؟
قال : على من خلّف موسى بن عمران على قومه؟ قلت : على وصيّه يوشع بن نون ، فقال : إنّ وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله ، فقلت : يا رسول الله : فكم تكون الأئمة من بعدك؟
قال : عدة نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين أعطاهم الله تعالى علمي وفهمي خزان علم الله ووحي الله ، قلت : يا رسول الله فما لأولاد الحسن؟ قال : إنّ الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين ، ذلك قوله عزوجل (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١) قلت : أفلا تسمّيهم لي يا رسول الله ، قال : نعم لما عرج بي إلى السماء فنظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور لا إله إلّا الله محمد رسول الله أيّدته بعلي ونصرته به ، ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة ورأيت في ثلاثة مواضع عليا عليا عليا ومحمدا محمدا وجعفرا وموسى والحسن والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب درّيّ فقلت : يا رب من هؤلاء الذين قرنت اسمائهم باسمك؟ قال : يا محمد هم الأوصياء والأئمة بعدك خلقتهم من طينتك فطوبى لمن أحبّهم ، والويل لمن أبغضهم ، فبهم أنزل الغيث وبهم اثيب واعاقب ، ثم رفع رسول الله صلىاللهعليهوآله يده إلى السماء ودعا بدعوات وسمعته يقول : اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي» (٢).
الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال : حدّثنا هارون بن موسى قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن منصور الهاشمي قال : حدثني أبو موسى عيسى بن أحمد قال : حدثنا أبو ثابت المدني قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن سعيد عن عيسى بن عبد الله بن مالك عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «أيها الناس إني فرط لكم وانتم واردون عليّ الحوض أعرض ما بين صنعاء وبصرى فيه قدحان عدد النجوم من فضة وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، السبب الأكبر كتاب الله طرفه
__________________
(١) الزخرف : ٢٨.
(٢) كفاية الأثر : ١٣٦.