جعفر الحميري عن موسى بن مسلم عن مسعدة قال : كنت عند الصادق عليهالسلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متكئا على عصاه فسلم فرد أبو عبد الله عليهالسلام الجواب ، ثم قال : يا ابن رسول الله ناولني يدك أقبّلها، فأعطاه يده فقبّلها ثم بكى ، ثم قال له أبو عبد الله : «ما يبكيك يا شيخ» ، فقال : جعلت فداك أقمت على قائمكم منذ مائة سنة أقول هذا الشهر وهذه السنّة وقد كبر سني ورق جلدي ودق عظمي واقترب أجلي ولا أرى فيكم ما أحبّ ، أراكم مقتولين مشردين وأرى أعدائكم يطيرون بالأجنحة وكيف لا أبكي ، فدمعت عينا أبي عبد الله عليهالسلام ثم قال : «يا شيخ إن ابقاك الله حتى ترى قائمنا كنت [معنا] في السنام الأعلى وإن حلّت بك المنية جئت يوم القيامة مع ثقل محمد صلىاللهعليهوآله ونحن ثقله ، فقالصلىاللهعليهوآله : إني مخلف فيكم الثقلين فتمسّكوا بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فقال الشيخ : لا أبالي بعد ما سمعت هذا الخبر. ثم قال : «يا شيخ اعلم أن قائمنا يخرج من صلب الحسن ، والحسن يخرج من صلب علي ، وعلي يخرج من صلب محمد ، ومحمد يخرج من صلب علي ، وعلي يخرج من صلب موسى ، ابني هذا واشار إلى ابنه موسى وهذا خرج من صلبي ، نحن اثنا عشر كلّنا معصومون مطهرون.
فقال الشيخ : يا سيدي بعضكم أفضل من بعض؟ فقال : لا ، نحن في الفضل سواء ولكن بعضنا أعلم من بعض ، ثم قال : يا شيخ والله لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا أهل البيت ، ألا وإن شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في غيبته هناك يثبت الله على هداه المخلصين اللهم أعنهم على ذلك» (١).
السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن محمد قال : حدثنا عتبة بن عبد الله الحمصي بمكة قراءة عليه سنة ثمانين وثلاثمائة قال : حدثني عليّ بن موسى الغطفاني قال : حدثنا أحمد بن يوسف الحمصي قال : حدثني محمد بن عكاشة قال : حدّثنا حسين بن يزيد بن عبد علي قال : حدثني عبد الله بن الحسن عن أبيه عن الحسن عليهالسلام قال : «خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه : معاشر الناس كأني ادعى فاجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا فتعلموا منهم ولا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم لا تخلوا الأرض منهم ولو خلت لانساخت بأهلها ثم قال عليهالسلام : اللهم إني أعلم أن العلم لا يبيد ولا ينقطع وإنّك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك ظاهرا ليس بالمطاع أو خائف مغمور كيلا تبطل حجّتك ولا تضلّ أوليائك بعد إذ هديتهم أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا عند الله ، فلما نزل
__________________
(١) كفاية الأثر : ٢٦٤ ـ ٢٦٠ وبشارة المصطفى : ٢٧٥.