على نعمه الفاضلة على جميع خلقه البرّ والفاجر وعلى حجّته البالغة على خلقه ، من عصاه وأطاعه إن يعف فيفضل منه ، وإن يعذب فبما قدّمت أيديهم وما الله بظلّام للعبيد ، أحمده على حسن البلاء وتظاهر النّعماء ، وأستعينه على ما نابنا من أمر ديننا وأؤمن به وأتوكّل عليه وكفى بالله وكيلا ، ثمّ إنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده أرسله بالهدى ودينه الذي ارتضاه ، وكان أهله ، واصطفاه على جميع العباد بتبيلغ رسالته وحججه على خلقه ، وكان كعلمه فيه رءوفا رحيما أكرم خلق الله حسبا ، وأجملهم منظرا ، وأشجعهم نفسا ، وأبرهم بوالد ، وآمنهم على عقد لم يتعلّق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط ، بل كان يظلم فيغفر ويقدر فيصفح ويعفو حتّى مضى مطيعا لله صابرا على ما أصابه مجاهدا في الله حق جهاده عابدا لله حتّى أتاه اليقين ، فكان ذهابه صلىاللهعليهوآلهوسلم أعظم المصيبة على جميع أهل الأرض البرّ والفاجر ، ثمّ ترك فيكم كتاب الله [يأمركم بطاعة الله ، وينهاكم عن معصيته. وقد عهد إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عهدا] لن أخرج عنه وقد حضركم عدوّكم ، وقد عرفتم من رئيسهم يدعوهم الباطل وابن عمّ نبيّكم بين أظهركم يدعوكم إلى طاعة ربّكم والعمل بسنّة نبيّكم ، ولا سواء من صلّى قبل كلّ ذكر ، لم يسبقني بالصّلاة غير نبيّ الله ، وأنا والله من أهل بدر ، والله إنّكم لعلى الحق وإنّ القوم لعلى الباطل فلا يصبر القوم على باطلهم ويجتمعوا عليه وتتفرّقوا عن حقّكم ، قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ، فإنّ لم تفعلوا ليعذبهم الله بأيدي غيركم ، فأجابه أصحابه فقالوا : يا أمير المؤمنين انهض إلى القوم إذا شئت فو الله ما نبغي بك بدلا نموت معك ونحيى ، فقال مجيبا لهم : والذي نفسي بيده ينظر إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله [وأنا أضرب] قدامه بسيفي فقال : لا فتى إلّا عليّ ولا سيف إلّا ذو الفقار.
ثمّ قال لي : يا عليّ أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي ، وحياتك وموتك يا عليّ معي فو الله ما كذّبت ولا ضللت ولا ضلّ بي ولا نسيت ما عهد إلي اذا لنسى ، وإنّي لعلى بيّنة من ربّي بيّنها لنبيّه صلىاللهعليهوآله فبينها لي وإنّي لعلى الطّريق الواضح ألقطه لقطا.
ثمّ نهض إلى القوم يوم الخميس ، فاقتتلوا من حين طلعت الشّمس حتّى غاب الشّفق ما كانت صلاة القوم يومئذ إلّا تكبيرا عند مواقيت الصلاة ، فقتل عليّ عليهالسلام يومئذ بيده خمسمائة وستّة نفر من جماعة القوم ، فأصبح أهل الشّام ينادون : يا عليّ اتّق الله في البقيّة ورفعوا المصاحف على أطراف القناة. (١)
التاسع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفّار
__________________
(١) أمالي الصدوق ٤٩٠ / مجلس ٦٣ / ح ١٠.