رجلا ، فصنع لهم رجل شاة ثمّ ثرد لهم ثردة وصبّ عليه ذلك المرق واللّحم ، ثمّ قدمها إليهم فأكلوا منها حتّى تضلعوا ، ثمّ سقاهم عسّا واحدا فشربوا كلّهم من ذلك العسّ حتّى رووا منه ، فقال أبو لهب : والله إنّ منّا لنفرا يأكل أحدهم الجفنة وما يصلحهما ولا تكاد تشبعه ويشرب الفرق من النّبيذ فما يرويه ، وإنّ ابن أبي كبشه دعانا فجمعنا على رجل شاة وعسّ من شراب فشبعنا وروينا منها ، إنّ هذا لهو السّحر المبين ، قال : ثمّ دعاهم فقال لهم : إنّ الله عزوجل قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ورهطي المخلصين ، وأنتم عشيرتي الأقربون ورهطي المخلصون ، وإنّ الله لم يبعث نبيّا إلّا جعل له من أهله أخا ووارثا ووزيرا ووصيّا ، فأيّكم يقوم يبايعني [على] أنّه أخي ووزيري ووارثي دون أهلي ووصيّي وخليفتي في أهلي ، ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي ، فأسكت القوم فقال : والله ليقومنّ قائمكم وليكونن في غيركم ثمّ لتندمنّ ، قال : فقام عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام وهم ينظرون إليه كلّهم فبايعه وأجابه إلى ما دعاه إليه ، فقال له : أدن منّي فدنا منه ، فقال له : أفتح فاك ففتحه فنفث فيه من ريقه وتفل بين كتفيه وبين ثدييه ، فقال أبو لهب : بئس ما حبوت به ابن عمّك أجابك لما دعوته إليه فملأت فاه ووجهه بزاقا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بلى ملأته علما وحكما وفقها. (١)
التاسع والثلاثون : سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال : قال عليّ عليهالسلام : انّ الناس كلّهم ارتدّوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله غير أربعة ، إنّ الناس صاروا بعد رسول الله بمنزلة هارون ومن تبعه ، ومنزلة العجل ومن تبعه ، فعليّ في شبه هارون وعتيق في شبه العجل وعمر في شبه السّامريّ. (٢)
الأربعون : سليم بن قيس الهلالي أيضا في كتابه قال : حدّثني أبو ذر وسلمان والمقداد ثمّ سمعته من عليّ عليهالسلام قالوا : إنّ رجلا فاخر عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله [لعلي عليهالسلام] : يا أخي فاخر العرب فأنت أكرمهم أخا وأكرمهم ولدا وأكرمهم عمّا وأكرمهم ابن عمّ وأكرمهم أبا ، وأكرمهم نفسا وأكرمهم نسبا وأطهرهم زوجة وأعظمهم حلما وأقدمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم عناء بنفسك ومالك ، وأنت أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بسنن الله وأشجعهم قلبا وأجودهم كفّا وأزهدهم في الدّنيا وأشدّهم اجتهادا وأحسنهم خلقا وأصدقهم لسانا وأحبهم إلى الله عزوجل وإليّ ، وستبقى بعدي ثلاثين سنة تعبد الله عزوجل وتصبر على ظلم قريش ، ثمّ تجاهد في سبيل الله عزوجل ، فإذا وجدت أعوانا تقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، ثمّ تقتل شهيدا تخضب لحيتك من دم رأسك ، قاتلك يعدل عاقر النّاقة في البغض والبعد
__________________
(١) انظر : تأويل الآيات : ١ / ١٩.
(٢) كتاب سليم بن قيس ١٦٢.