أتاها أربعون فارسا نجدة ، فلمّا عاينوا الغلبة دخلوا الكنيسة وأغلقوا بابها ، ثمّ قتل بعضهم بعضا ، فكسر المسلمون الباب فوجدوهم صرعى ، وهذا ثالث فتح لها ، لأنّها فتحت أيّام بيت المقدس ، ثمّ استرجعها الإنكتير ، ثمّ أخذها ثاني مرّة صلاح الدّين ، ثمّ افتتحها في هذا الوقت الملك العادل ، ثمّ ملكتها الفرنج ، ثمّ افتتحها السّلطان الملك النّاصر رابعا ، ثمّ خرّبت (١).
[كتاب الفاضل يصف البرق والريح]
كتب الفاضل إلى محيي الدّين بن الزّكيّ يقول : «وممّا جرى من المعضلات بأس من الله طرق ونحن نيام ، وظنّ النّاس أنّه اليوم الموعود ، ولا يحسب المجلس أنّي أرسلت القلم محرّفا ، والقول مجزّفا ، فالأمر أعظم ، ولكنّ الله سلّم. إنّ الله تعالى أتى بساعة كالسّاعة ، كادت تكون للدّنيا السّاعة ، في الثّلث الأوّل من ليلة الجمعة تاسع عشر (٢) جمادى الآخرة ، أتى عارض فيه ظلمات متكاثفة وبروق خاطفة ، ورياح عاصفة ، قوي الهواء (٣) بها ، واشتدّ هبوبها (٤) ، وارتفعت لها صعقات (٥) ، فرجفت الجدران ، واصطفقت ، وتلاقت على بعدها ، واعتنقت ، وثار عجاج (٦) ، فقيل : لعلّ هذه قد انطبقت (٧). وتوالت البروق على نظام ، فلا يحسب إلّا أنّ جهنّم قد سال منها واد ، وزاد
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١٢ / ١٢٦ ، مفرّج الكروب ٣ / ٧٥ ، الأعلاق الخطيرة ٢ / ٢٥٦ ، ذيل الروضتين ١٠ ، ١١ ، الدرّ المطلوب ١٣٠ ، دول الإسلام ٢ / ١٠٣ ، مرآة الجنان ٣ / ٤٧٥ ، السلوك ج ١ ق ١ / ١٠٤ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٢١٨ و ٢٢١ ، المختصر ٣ / ٩٣ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١١٢ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٣٣ ، شفاء القلوب ٢٠٤ ، تاريخ ابن الفرات ج ٤ ق ٢ / ١٣٤ (حوادث سنة ٥٩٤ ه.).
(٢) في البداية والنهاية ١٣ / ١٣ «في ليلة الجمعة التاسع من جمادى الآخرة».
(٣) في البداية والنهاية ١٣ / ١٣ «قوي الجو».
(٤) في البداية والنهاية ١٣ / ١٣ بعدها : «قد أثبت لها أعنّة مطلقات».
(٥) في البداية والنهاية ١٣ / ١٣ «صفقات».
(٦) في البداية والنهاية ١٣ / ١٣ «وثار السماء والأرض عجاجا».
(٧) في البداية والنهاية ١٣ / ١٣ «حتى قيل إن هذه على هذه قد انطبقت».