وحكى لنا رجل أنّه كان له صديق ، فدعاه ليأكل ، فوجد عنده فقراء قدّامهم طبيخ كثير اللّحم ، وليس معه خبز ، فرابه ذلك ، وطلب المرحاض ، فصادف عنده خزانة مشحونة برمم الآدميّين وباللّحم الطّريّ ، فارتاع وخرج هاربا.
وقد جرى لثلاثة من الأطبّاء ممّن ينتابني ، أمّا أحدهم فإنّ أباه خرج فلم يرجع. والآخر فأعطته امرأة درهمين ومضى معها ، فلمّا توغّلت به مضايق الطّرق استراب وامتنع ، وشنّع عليها ، فتركت دراهمها وانسلّت. وأمّا الثّالث فإنّ رجلا استصحبه إلى مريضة إلى الشّارع ، وجعل في أثناء الطّريق يتصدّق بالكسر ويقول : هذا وقت اغتنام الأجر. ثمّ أكثر حتّى ارتاب منه الطّبيب ، ودخل معه دارا خربة ، فتوقّف في الدّرج ، وفتح الرجل فخرج إليه رفيقه يقول : هل حصل صيد ينفع؟ فجزع الطّبيب ، وألقى نفسه إلى إصطبل ، فقام إليه صاحب الإصطبل يسأله ، فأخفى قصّته خوفا منه أيضا فقال : قد علمت حالك ، فإنّ أهل هذا المنزل يذبحون النّاس بالحيل.
ووجدنا طفيحا (١) عند عطّار عدّة خوابي مملوءة بلحم الآدميّين في الملح ، فسألوه فقال : خفت دوام الجدب فيهزل النّاس.
وكان جماعة قد أووا إلى الجزيرة ، فعثر عليهم ، وطلبوا ليقتلوا فهربوا ، فأخبرني الثّقة أنّ الّذي وجد في بيوتهم أربعمائة جمجمة.
ثمّ ساق غير حكاية ، وقال : وجميع ما شاهدناه لم نتقصّده ولا تتبّعنا مظانّه ، وإنّما هو شيء صادفناه اتّفاقا.
وحكى لي من أثق به أنّه اجتاز على امرأة وبين يديها ميّت قد انتفخ وانفجر ، وهي تأكل من أفخاذه ، فأنكر عليها ، فزعمت أنّه زوجها.
ثمّ قال : وأشباه هذا كثير جدّا.
__________________
(١) في الأصل : «صفيح».