وقال أبو شامة (١) : فيها قدم العزيز إلى الشّام أيضا ونزل على الغوار ، ثمّ رحل إلى مصر لمّا سمع بقدوم العساكر مع عمّه العادل وأخيه الأفضل ، فتبعاه إلى مصر ، وخرج القاضي الفاضل فأصلح الحال ، فدخل العادل مصر مع العزيز وأقام عنده ، وردّ الملك الأفضل إلى دمشق.
[وقعة الزّلّاقة بالمغرب]
وفيها كانت بالمغرب وقعة الزّلّاقة ، وكانت ملحمة عظيمة بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ، وبين الفنش (٢) ملك طليطلة لعنه الله تعالى.
كان الفنش قد استولى على عامّة جزيرة الأندلس ، وقهر ولاتها ، وكان يعقوب ببرّ العدوة مشغولا عن نصرة أهل الأندلس بالخوارج الخارجين عليه ، وبين الأندلس وبين سبتة كان أدقّ ما يكون من عرض البحر ، وعرضه ثلاثة فراسخ ، ويسمى العدوة ، وزقاق سبتة ، وغير ذلك. ومنه دخل المسلمون في المراكب لمّا افتتحوا الأندلس في دولة الوليد بن عبد الملك. واستصرى الفونش واستفحل أمره ، واتّسع ملكه ، وكتب إلى يعقوب ينخّيه في الدّخول إليه ، فأخذته حميّة الإسلام ، وسار فنزل على زقاق سبتة ، وجمع المراكب ، وعرض جيوشه ، فكانوا مائة ألف مرتزقة ، ومائة ألف مطوّعة ، وعدّوا كلّهم ، ووصل إلى موضع يقال له «الزّلّاقة» ، وجاءه الفنش في مائتي ألف وأربعين ألفا ، فالتقوا ، فنصر الله دينه ، ونجا الفونش في عدد يسير إلى طليطلة ، وغنم المسلمون غنيمة لا تحصى.
قال أبو شامة (٣) : كان عدّة من قتل من الفرنج مائة ألف وستّة وأربعين ألفا ، وأسر ثلاثون ألفا ، وأخذ من الخيام مائة ألف خيمة وخمسون ألفا ، ومن
__________________
(١) في ذيل الروضتين ٧.
(٢) وهو ألفونس الثامن.
(٣) في ذيل الروضتين ٧ ، ٨.