٢ ـ إنّ الإيمان بالاتجاه الحسّي ، على افتراض صحّة مقدّماته عند الأمين الاسترآبادي ، لا يؤدّي إلى إنكار حجّية القطع فيما إذا كان واقعاً بمقدّمات عقلية ، وهذا ما تنبّه إليه المحقق الخراساني في كفاية الأُصول فقال : (إنّما تتّجه كلماتهم (أي الإخباريّين) إلى منع الملازمة بين حكم العقل بوجوب شيء وحكم الشرع بوجوبه) (١) فقط ، وليس إنكار حجّية القطع بالمقدّمات العقلية ، وهذه ثغرة مهمّة في الفكر الإخباري استفاد منها الوحيد البهبهاني في نقده لهم ، كما يستفاد ذلك من فوائده الحائرية.
٣ ـ إنّ الادّعاء (بلزوم توسط الأوصياء سلام الله عليهم في التبليغ ، فكلّ حكم لم يكن فيه وساطتهم فهو لا يكون واصلاً إلى مرتبة الفعلية والباعثية وإن كان ذلك الحكم واصلاً إلى المكلّف بطريق آخر) (٢) تكون نتيجته أنّه لا يمكن الاعتماد على العقل في الحكم والاجتهاد ، وقد وقف الإخباريّون عن العمل بايآت الأحكام لطروّ مخصّصات من السنّة ومقيّدات على عمومه ومطلقاته ، وهو ما عطّل عملية الاجتهاد بشكل تام ، وبذلك فإنّهم خسروا معالجة الشريعة للواقع الاجتماعي المتبدّل بتبدّل الزمان والمكان ، وقد أحسّ بعظم الخسارة الفادحة المحقّق البحراني صاحب الحدائق الناضرة عندما وجد أنّ فلسفته الأخبارية لا تنهض إلى مستوى كشف الوظيفة الشرعية للمكلّف في عصر غياب النص.
٤ ـ إنّ أصل الاستناد على الحجّة في استنباط الحكم الشرعي قوّض أهمّ مباني العقيدة الأخبارية ، فإنّ العقل يحكم بحسن عقاب العبد على تقدير مخالفته للحجّة ، كما يحكم بقبح عقابه على تقدير موافقته للحجّة ،
__________________
(١) كفاية الأُصول ٢ / ٣٢ ـ ٣٣.
(٢) أجود التقريرات ٢ / ٤٠.