ناحية الشرع في وقت سابق في ظروف حصول الشكّ في بقاء ذلك الحكم ، فالاستصحاب في الدليل ـ إذن ـ لا يخلو من أحد هذين الاستصحابين.
بوادر اتساع مباحث الدليل :
وكان يرافق هذا التقسيم للأدلّة ضبابية من نوع آخر تمثّلت في عدم التفريق بين الأمارات والأُصول ، وعدم التفريق بين الحكم الشرعي (وهو مفاد الأمارات) وبين الوظيفة الشرعية والعقلية (وهي مفاد الأُصول العملية) ، وعدم التفريق بين الحجج الذاتية (التي ثبتت حجّيتها بالقطع) والحجج المجعولة (التي ثبتت حجّيتها بالعرض كالإجماع وخبر الثقة).
وكان الجوّ العلمي في الحوزة الإمامية مهيّئاً لظهور شخصية علمية قادرة على النهوض بمستوى هذا العلم الجليل إلى أعلى مصاف التفكير العقلي الذي يكون فيه الإنسان قادراً على استيعابه وإدراكه ، فكان القرن الثالث عشر الهجري عصر بوادر بناء الحجج العقلية والشرعية وتلازمها ، وكان عصر ولادة مدرسة الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري الفقهية والأُصولية.
فقد أضاف هذا الشيخ الجليل لعلم الأُصول ما لم يضفه أي عالم شيعىّ آخر بذلك الحجم وذلك العمق والمنهجية والاستدلال ، فعلى يديه الشريفتين انتظم المنهج العلمىّ للأُصول واتّسعت دائرة الحجّة والدليل.
وحتّى ندرك عمق ما وصل إليه علم الأُصول في المذهب الإمامي على يد الشيخ قدسسره لابدّ من استعراض أهمّ المباني الجديدة التي صاغها في البحث عن الدليل ، ولا شكّ أنّ شدّة اهتمام الشيخ الأنصاري بمباحث