الحجج والأدلّة الشرعية والعقلية منعته من مناقشة مباحث الألفاظ ، وأوكل لتلامذته الرجوع إلى كتاب هداية المسترشدين في شرح معالم الدين للشيخ محمّـد تقي الأصفهاني (ت ١٢٤٨ هـ) ، لأنّه كان يؤمن بأنّ الشيخ الأصفهاني قد ناقش مباحث الألفاظ بقدر عال من العمق والدقّة العلمية ، وليس هناك من داع لإعادة صياغتها من جديد.
المباني الجديدة في الدليل الشرعي :
وسوف نتحدّث باختصار عن حجّية القطع ، والظنّ ، والشكّ ، والتفكيك بين الأمارات والأُصول ، ومفاد الدليل ، وتعارض الأدلّة ، فإنّ هذه المواضيع الأُصولية كانت قد أحدثت نقلة نوعية في عملية الاستنباط للأحكام الشرعيّة.
١ ـ حجّية القطع :
إنّ القطع ، لمّا كان بطبيعته التعبير عن انكشاف الواقع انكشافاً تامّاً ، فإنّ حجّيته ذاتية ، بحيث لا يمكن جعل الحجّية له ولا نفي الحجّية عنه ، فكما أنّنا لا نستطيع أن نفكّك بين النار والحرارة المنبعثة منها والنور والضياء الساطع منه ، كذلك لا نستطيع أن نفكّك بين القطع وحجّيته الذاتية ، فالقطع (بنفسه طريقٌ إلى الواقع ، وليس طريقيته قابلةٌ لجعل الشارع إثباتاً أو نفياً) (١).
ولكن الحجّية ليست على نمط واحد ، فإنّ هناك (حجّية مجعولة)
__________________
(١) الرسائل ١ / ٤ طبعة قم : جامعة المدرسين.