من قبل الشارع بالإضافة إلى ما ذكرناه من الحجّية الذاتية ، كما لو أنّ المولى عزّ وجلّ أمرنا بإتّباع الظنّ في مورد البيّنة واليمين ؛ فهو قد جعل الحجّية لليمين وللبيّنة ، مع أنّ اليمين أو البيّنة بحدّ ذاتهما لا توجبان القطع ولا تمنعان من احتمال الخلاف ، ولكنّ الشارع ألغى احتمال الخلاف وتمّم الكشف الناقص على الطريقة التعبّدية ، فأنشأ الحجّية المجعولة ، كما في موارد الطرق والأمارات. ولا شكّ أنّ كلّ حجّية مجعولة لابدّ أن تنتهي بالضرورة إلى الحجّية الذاتية بموجب القاعدة العقلية : (كلّ ما بالعرض لابدّ أن ينتهي إلى ما بالذات).
لوازم حجّية القطع :
إنّ ثبوت حجّية القطع عند المكلّف تترتّب عليه آثار إلزامية ولزومية تسمّى بـ (اللوازم العقلية للحجّية) ، ذاتية كانت تلك الحجّية كالقطع ، أو مجعولة كالطرق والأمارات ، وهذه الآثار يمكن حصرها عقلياً بثلاث مفردات :
أ ـ التنجّز عند مصادفة الحجّة للواقع ، وهذا من اللوازم العقلية للحجّية. فيستحق المكلّف على مخالفة ما قامت عليه الحجّة الذمّ والعقوبة ؛ لأنّها مخالفة لحكم شرعي مقطوع جاء ، فليس هناك من شكّ في استحقاق العقوبة على تلك المخالفة القطعية.
ب ـ التعذير عند مخالفة الحجّة للواقع ، فالعقل ـ هنا ـ يحكم بقبول عذر المكلّف لمخالفته حكماً إلزامياً واقعياً للشارع ، وعندها يحكم العقل بعدم استحقاقه للعقوبة ؛ فإذا اعتمد المكلّف دليلاً شرعيّاً قطع بحجّيته ، لكنّه كان مخالفاً للحكم الشرعي الواقعي ، فالمكلّف لا يستحقّ العقوبة على