اكتشف بعد ذلك خطأ الأمارة بعد انقضاء الوقت لا يعوّضه سلوك الأمارة عن شيء من المصلحة بل عليه أن يأتي بصلاة الظهر قضاءً ، فهنا كان سلوك الأمارة (في الحالة الأولى) سبباً في تفويت مصلحة الوقت عليه فقط ولكنّ سلوك الأمارة (في الحالة الثانية) عوّضه عن مصلحة ذلك الوقت دون أصل العمل ، ولذلك كان عليه القضاء.
ومن أجل دفع المحذور الخطابي عرض الشيخ الأنصاري نظريته القائلة بـ (اختلاف الرتبة بين الحكمين) الظاهري والواقعي ، فإنّ رتبة الحكم الظاهري (وهو الأمارة أو الدليل الظنّي المعتبر) متأخّرة عن رتبة الحكم الواقعي بمرتبتين ، لأنّ موضوع الحكم الظاهري هو الشكّ في الحكم الواقعي وهو متأخّر عنه برتبة لتأخّر العارض عن معروضه بمرتبة ، وكذلك فإنّ موضوع الحكم الظاهري متأخّر عن موضوع الحكم الواقعي بمرتبتين أيضاً ، ولا شك أنّ اختلاف المرتبة يرفع غائلة التضادّ والتناقض في الخطاب الشرعي.
نظرية ثبوت حجّية مطلق الظنّ :
استند الفقهاء القائلون بحجّية مطلق الظنّ بـ (دليل الانسداد) ، وهو الاستناد على حجّية انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية ، وعرضوا أربع مقدّمات في انسداد باب العلم بالأحكام الشرعية ، وهي :
١ ـ إنّ باب العلم بمعظم المسائل الفقهيـة مسدود. بمعنى أنّ ما بأيدينا من الأدلّة القطعية والظنّية المعتبرة لا يكفي للوصول إلى كلّ المسائل الفقهية.
٢ ـ لا يجوز لنا إهمال الأحكام الشرعية التي لا نصل إليها بالعلم أو بالظنّ المعتبر ، بل لا بدّ من الخروج من عهدتها بأىّ طريق ممكن.