٣ ـ إنّ الاحتياط المتكرّر في كلّ الأحكام عسر وحرج بل يخلّ بالحياة الشخصية والاجتماعية للأفراد ، ولا شكّ أنّ المولى سبحانه وتعالى لا يكلّف نفساً إلاّ وسعها ، وإنّ إعمال أصل البراءة في كلّ حكم مجهول مَحق للدين وتلاعب بأحكام الله عزّ وجلّ.
٤ ـ مع إمكان الأخذ بالظنّ ـ عند تعذّر العلم والأصل والاحتياط ـ لا يجوز الأخذ بالشكّ والوهم ، لأنّ ذلك من ترجيح المرجوح على الراجح وهو باطل شرعاً ، فلا بدّ من الأخذ بالظنّ دون الشكّ والوهم.
ولمّا كان الأصل والأهمّ في هذه المقدّمات الأربع المقدّمة الأولى القائلة بانسداد باب العلم ـ وهي التي اُخذ منها اسم دليل الانسداد ـ فإنّ الشيخ الأنصاري وبقية الفقهاء اقتصروا على مناقشتها ، فقال الشيخ الأنصاري : إنّ انغلاق باب الظنون الخاصّة المعتبرة أيضاً ، كالقول بحجّية خبر الواحد والتعبّد به من الناحية الشرعية يحلّ مشكلة (الانسداد) ، بل يوفّر لنا الوسائل العلمية الموجبة للقطع وخبر الواحد والظنون المعتبرة الأخرى كظواهر حجّية الكتاب والسنّة للوصول إلى معظم الأحكام الشرعية ، وعندها ينحلّ العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بأكثر الأحكام ، وتجري الأُصول والقواعد في بقية الأحكام بلا محذور.
حجّية الظنّ عند الشيخ الأنصاري :
وعلى صعيد حجّية الظنّ التي آمن بها الشيخ الأنصاري وجعلها أصلاً في الاستنباط ، فقد عرض في البداية أصلين في علم الأُصول هما :
أ ـ إمكانية اعتبار الظنّ والتعبّد به من ناحية الشارع.
ب ـ ما لم يحصل لنا العلم اليقيني بأنّ الشارع قد اعتمد سبيلاً من السبل الظنّية واعتبره وأمرنا بالتعبّد به ، فلا يجوز لنا التمسّك به وإسناد مفاده