نتائج المنهج العلمي :
وقد أدّى هذا الأسلوب العلمي في النقاش والاستنتاج والاستنباط إلى استخلاص أربع نتائج مهمّة على الصعيد الاجتهادي :
الأولى : تكثيف نشاط الفقهاء في البحث عن الحقائق الشرعية مهما كانت صغيرة ومبهمة ، فأخذ النقاش يطال حتّى المسلّمات العقلية في بعض الأحيان ، وهذا المنحى العلمي حدّده النقاش والإفحام المتزايد بين أصحاب الافتراضات ومناوئيهم ، ولا شكّ أنّ هذا الجوّ العلمي خلق مناخاً عظيماً للإبداع والابتكار الفكري ضمن الحدود الشرعية.
الثانية : التعريف الدقيق المعمّق لكلّ المصطلحات الحُكمية ، بملاحظة خصائصها الشرعية واللغوية والفلسفية ، ولا شكّ أنّ أهمّ أركان العلوم الإنسانية أو التجريبية هو حجم المصطلحات التي تستخدمها تلك العلوم ودقّتها ، فالطبّ له مصطلحاته الخاصّة ، والفلسفة لها مصطلحاتها الخاصّة ، والكيمياء لها مصطلحاتها الخاصّة ، وكذلك علم الأُصول ، فعن طريق إثراء هذا العلم بالمصطلحات الدقيقة أصبحت عملية نموّه النوعي عملية سريعة تزدادُ عمقاً وشمولاً يوماً بعد يوم.
الثالثة : إن عملية الاستقراء المنطقي للمفردات الفقهية تحت رعاية مبادئ ومسلّمات علم الأُصول قد تؤدّي بالمجتهدين لاحقاً إلى استنباط (النظرية الاجتماعية الفقهية) ، وهي النظرية التي لا بدّ أن تُصاغ من أجل بناء النظام الاجتماعي في ضوء الإسلام وتهيئة المجتمع القادر على نصرة الإمام المهدي عليهالسلام عند ظهوره المرتقب.