بلا ولاية.
وأمام هاتين الفرضيّتين يأخذ الفقيه ـ بقوّة الاستدلال الشرعي ـ بأحدهما ، ويبني عليها نظريته ، فلنفترض أنّنا أخذنا بالافتراض الأوّل وهو أنّ أسماء العبادات وُضعت للصحيح ، بتقريب أنّ ماهيّات العبادات لم تكن معلومة للافراد قبل التشريع ، بل اخترعها الشارع ووضع حقيقتها ؛ ولذلك لا بدّ أن يكون استعماله لها في الصحيح دون الفاسد ، لأنّ الاستعمال كان ابتداءً بعنوان التكليف الشرعي.
ومن أجل أن نبني نظريّتنا الأُصولية في (الصحيح) لا بدّ لنا من دحض استدلال القائلين بالأعمّ ؛ فنحن لا نسلّم بأدلّة التبادر وعدم صحّة السلب عقلاً. ومن حقّنا أن نرفض تلك المسلّمات المزعومة ، وأمّا التقسيم إلى الصحيحة والفاسدة فهو إنّما يتمّ بالعناية والمشابهة مجازاً ، وأمّا قوله عليهالسلام : «دعي الصلاة أيّام إقرائك» فإنّ المعصوم عليهالسلام استعملها في الصحيحة ، إلاّ أنّها صارت فاسدة بعد ورود هذا النهي ، ولا يمكن أن يُريد الإمام عليهالسلام منها الصلاة الفاسدة ابتداءً ، وأما رواية (بُني الإسلام على خمس ...) فظاهرها عدم قبول عبادات أولئك الأفراد إذا كانت جامعة لجميع الشرائط ومانعة لشرط الولاية ، ولا ينافي ذلك صحّتها ، فالقبول غير الصحّة ، وحتّى لو زُعم أن الرواية قصدت الصحّة لا القبول ، فإنّنا نقول : إنّ الإمام عليهالسلام إنّما استعملها إمّا بحسب اعتقادهم صحّتها ، وإمّا مجازاً.
وهكذا أصبحت نظرية (الصحيح) عند الفقيه الذي آمـن بها عن طريق الاستدلال ، قانوناً مسلّماً ـ بعد أن كانت فرضاً ـ يستخدمه في أبحاثه الآتية في الرجوع إلى البراءة أو الاحتياط فيما إذا شكّ في جزئية شيء أو شرطيّته بناءً على الصحيح.