والفلسفة هو الذي يؤدّي إلى ذلك النـزاع الناشئ حول شرعية تلك القوانين ودستوريّتها.
ولا يقف النـزاع عند هذا الحدّ ، بل يتطوّر ذلك النـزاع إلى جدل حول طبيعة المصطلح نفسه ، فبعض العلماء لا يوافقون على إطلاق لفظ (القانون) على ذلك البيان العلمي ، بل يفضّلون استبداله بألفاظ أخرى مثل (مبدأ) ، أو (نظرية) ، أو (أصل) ونحوها من الألفاظ العلمية.
والأمر المتفق عليه بالإجماع بين علماء الطبيعة والفلسفة هو أنّ لفظة (القانون) أو ما رادفها من ألفاظ يجب أن تشير ـ بصورة من الصور ـ إلى الحقيقة العلمية ؛ فالرجم بالغيب مثلاً لا يمكن أن يكون قانوناً علمياً ولا نظريةً ولا مبدأً لأنّه لا يشير ـ من قريب أو من بعيد ـ إلى الحقائق الواقعية العلمية.
الأصل العملي والمنطق :
نرجع الآن بعد تلك المقدّمة المختصرة إلى صلب الجواب عن السؤالين اللذين طرحناهما آنفاً ، ونقول : إنّ الصيغة المنطقية للأصل العملي يمكن تحديدها ضمن إطار فكرتين هما : الضرورة الشرعية ، والانتظام الفلسفي.
فالضرورة الشرعية تجعلنا نفهم الأصل العملي من زاوية قوّته المنطقية أو العقلية وارتباطه مباشرة بالتشريع ، فالاستصحاب مثلاً أصلٌ من الأُصول العملية يتعامل مع اليقين والشكّ ومتعلّقيهما ، وملاك قاعدة الاستصحاب هو اتحاد متعلّق اليقين والشكّ ذاتاً ، لكن مع اختلاف زمان