المتعلّق سواء اختلف زمان حدوث نفس اليقين والشكّ أم اتفق ، وقد اُستدلّ على حجّية الاستصحاب باستقرار سيرة العقلاء على الأخذ بالحالة السابقة ما لم يثبت خلافها ..
واُستدلّ أيضاً بالأخبار الواردة في المقام وهي العمدة ومنها : صحيحة زرارة عن الإمام الصادق عليهالسلام : «... فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبداً» (١) ..
والتفسير العقلي لأصل الاستصحاب يمكن أن يوضّح بالطريقة التالية : إنّنا لو أنكرنا حجّية الاستصحاب لكان ذلك ترجيحاً لأحد طرفي القضية الممكنة (النجاسة أو الطهارة مثلاً) من غير مرجّح ، وهذا يناقض الفكرة الشرعية أيضاً ، ومن هنا باتت الضرورة الشرعية تدفعنا للإيمان بأصل الاستصحاب عند فقدان الدليل ؛ ولا شكّ إنّ اعتبار الاستصحاب اعتبار تعبّدي محض لا يترتّب عليه أي أثر في الواقع العملي.
أمّا ما يخصّ الانتظام الفلسفي ، فإنّ الأُصول العملية محدّدة تحديداً نظامياً ترتُّبيّاً بحيث لا يتقدّم أصل على أصل إلاّ لسبب شرعي أو عقلي ، فعلى سبيل المثال تُقدّم أصالة (صحّة فعل المسلم) على أصالة (الاستصحاب) في مباني علم الأُصول ، فلو تيقّنا بنجاسة شيء ثمّ شكّكنا في تطهيره استصحبنا نجاسته ، ولكن لو تصدّى فرد مسلم لتطهيـره فلا خيـار لنا إلاّ أن نحمـل ذلك على الصحـّة فتثبت ـ عندئذ ـ طهارته ، وقد اُستدلّ على ذلك ببعض الأخبار ، منها ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يقلبك عنه ولا تظنّن بكلمة خرجت
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ٤٢١ ح ٨.