من أخيك سوء وأنت تجد لها في الخير سبيلاً» ، والمروي عن الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّ المؤمن لا يتّهم أخاه» ، و «كذّب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسّامة أنّه قال ، وقال : لم اقل ، فصدّقه وكذّبهم» ، ونحوها من الأخبار.
إلاّ أنّ هذه الأخبار أخصّ من الدعوى ، فهي لا تدلّ إلاّ على التزام حمل الإنسان أخيه المؤمن على الخير لا على الشر ، وهي من المؤيّدات فقط ، لكنّها لا تدلّ على لزوم حمل كلّ ما يصدر منه على الصحّة ، ولعلّ أصالة صحّة فعل المسلم تستند على السيرة العقلائية المستمرّة من زمن الشارع حتّى اليوم أكثر من استنادها على تلك الأخبار.
ومهما اختلف الدليل ، فإنّ تقديم أصل على أصل يعكس ـ بصدق ـ الانتظام الفلسفي للأُصول العملية في علم الأُصول ، وقد ذكرنا سابقاً تقدّم الأمارات والطرق (الأدلّة الاجتهادية) على الأُصول العقلية من البراءة والاحتياط والتخيير والاستصحاب (الأدلّة الفقاهتية).
ومن تلك الأمثلة نفهم أنّه عن طريقي (الضرورة الشرعية) ، و (الانتظام الفلسفي) تتبلور لنا صورة الصيغة العقليّة للأصل العملي وموضعها في التفكير الشرعي.
البُعد العقلي في النظرية الأُصولية :
وبطبيعة الحال ، فإنّ تكامل المنهج العلمي للمدرسة الأُصولية يستمدّ قوّته ومتانته من بُعدين عقليّين مهميّن هما : البُعد التحليلي ، والبُعد الإلزامي. وهذان البُعدان هما اللذان يميّزان أصول الفقه عن أصول بقية العلوم.