فعلى صعيد البُعد التحليلي ، فإنّ قانون الفكر في علم الأُصول إنّما يؤسّس في ضوء مبادئ ذلك العلم بلحاظ الأخذ بالنقاط الثلاث الآتية :
الأولى : الأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الحجج العقلية والشرعية في الأُصول الأربعة (البراءة ، والاحتياط ، والتخيير ، والاستصحاب) ، والأمارات ، وطبيعة القطع والظن والشك ، والأوامر والنواهي كما هي ، أي بطبيعتها الأُصولية الإلزامية لا بجوهرها اللغوي أو المنطقي.
الثانية : إنّ المواضيع الأُصولية لا تتناقض بكينونتها مع بقية العلوم ، فعلم الأُصول لا يعارض المباحث الكلامية أو الأُصول اللغوية ؛ وبنفس المنطوق لا تتعارض المبادئ والنظريات المنطقية والفلسفية مع المباحث الأُصولية.
الثالثة : إنّ النظريات الأُصولية تلحظ قوانين الشرع والعقل وقواعد التفكير الذهني السليم.
فالقطع ـ على سبيل المثال ـ صورة من صور البُعد التحليلي ، فالقاطع ـ الذي انكشف له الواقع ووصل إلى ساحته ـ إذا وافق قطعه وعمل على طبق تكليفه المقطوع فقد أدّى الواجب ، أمّا إذا خالف قطعه ، فإن كان ما قطع به موافقاً للواقع فهو بلا شكّ يستحقّ الذمّ والعقاب ، وإن كان مخالفاً للواقع فقيل : إنّه يستحقّ وقيل : إنّه لا يستحقّ ، ودلالة استحقاقه العقاب تتمّ بتقريب أنّ تَلَبُّس القاطع بالفعل يفرض على المكلّف حكماً عقلياً أمضاه الشارع وهو وجوب طاعة المولى عزّ وجلّ ، فإنّ ما حكم به العقل فقد حكم به الشرع أي أمضاه وأجازه ، وهذا البُعد التحليلي للقطع يعكس متانة المنهج العلمي الذي شرحناه للمدرسة الأُصولية.
وعلى صعيد البُعد الإلزامي ، فإنّ الدليل الشرعي والأمارة والأصل ـ في