الاجتماعية الفقهية التي نأمل من خلالها أن يقود (الإسلام) البشرية المعاصرة إلى شاطئ الأمان والسلام والعدالة الاجتماعية (١).
وما نريد تأكيده وإعادته مرّة أخرى هو أنّ التطوّر الذي حصل في البُنية الشرعية والفلسفية لعلم الأُصول خلال الأعوام الألف الماضية من عمر التشيّع لأهل البيت عليهمالسلام ، فتح آفاقاً واسعة لاستثمار ذلك المخزون العلمي الخام ، فكان العمل من أجل بلورة النظرية الفقهية أهمّ ثمار المرحلة التي أفرزها التكامل الموضوعي لأُصول الفقه ، وبعد أكثر من قرن على وفاة الشيخ الأنصاري رضياللهعنه ، فإنّ المنهج العلمي الشامخ الذي وضعه كان لا يزال قمّة في الفهم العقلي والشرعي لوظيفة القواعد المشتركة في عملية الاستنباط.
وهذا الفهم المتطوّر دفع نخبة من فقهاء الحوزة العلمية الإمامية المتأخّرين إلى تحسّس ضرورة تطبيق تلك القواعد الأُصولية على المشاكل الاجتماعية التي يعيشها المسلم المعاصر ، وبتعبير آخر ، استثمار عملية الاجتهاد الشرعي من أجل بناء الحياة الاجتماعية للمسلمين ..
ذلك أنّ الاستمرار في بناء وترميم الهيكل الأُصولي المتكامل مدّة غير محدودة من الزمن ، ودون الالتفات إلى طبيعة التغير الاجتماعي الذي تعيشه المجتمعات المعاصرة قد يضرُّ بعملية الوظيفة الشرعية للمكلّف التي اهتمّ بها علم الأُصول من البداية ..
ولذلك ، فإنّ المرحلة الزمنية التي نعيشها تقتضي بذل جهود استثنائية من أجل الاهتمام بالفقه الاجتماعي في ممارسة عملية الاجتهاد ، واستثمار
__________________
(١) ناقشنا ارتباط علم الأُصول بالنظرية الاجتماعية الفقهية في كتاب مباني النظرية الاجتماعية في الإسلام : ١٧٩ ـ ١٨٩.