مقـدّمة التحقيـق ..
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على الرسول الأُمّي ، صاحب المعجزة البليغة ، الذي تحدّى بها بلغاء الكفّار ، وفصحاء المشركين ، من الإنس والجنّ أجمعين ، على الإتيان ولو بسورة من مثله إن كانوا صادقين ، وعلى أخيه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب القرآن الناطق ، وعلى المعصومين من آله الطيّبين الطاهرين حجج الله على الخلق أجمعين.
أمّا بعـد ..
طال النقاش وكثر الجدل ـ بين أفراد هذه الأُمّة التي بدأت تتكالب عليها الأُمم من كلّ حدب وصوب بسبب جعلهم القرآن هذا الكتاب العظيم وراء ظهورهم (١) حتّى أصبحوا يقرؤونه لا يجاوز تراقيهم (٢) ـ حول من جمع قرآن؟ وهل كان القرآن مجموعاً في عهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أم أنّه كان مبعثراً على العسـب ، والرقاع ، واللخاف ، وفي صدور الناس ـ كما جاء في بعض الروايات ـ ، وجاء من جاء بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتصدّى لجمعه
__________________
(١) قال تعالى في محكم كتابه العزيز : (ولمّا جاءهُم رسولٌ من عند الله مصدّقٌ لما معهم نبذَ فريقٌ من الّذين أُوتوا الكتابَ كتابَ الله وراءَ ظُهورِهم كأنّهم لا يعلمُون). سورة البقرة ٢ : ١٠١.
(٢) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «يكون آخر الزمان قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الـرَّمِـيّـة». مسـند أحمد ١ / ١٥٦.