«جمعتُ القرآن فقرأت به كلّ ليلة ، فبلغ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : اقرأه في شـهر ...» (١).
وسـتجيء رواية ابن سـعد في جمع أُمّ ورقة القرآن.
ولعلّ قائلا يقول : وإنّ المراد من الجمع في هذه الروايات هو الجمع في الصدور لا التدوين (٢)؟
وهذا القول دعوى لا شـاهد عليها ، أضف إلى ذلك أنّك سـتعرف أنّ حفّاظ القرآن على عهد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا أكـثر من أن تحصى أسماؤهم ، فكيف يمكن حصرهم في أربعة أو سـتّة؟!!
وإنّ المتصفّح لأحوال الصحابة ، وأحوال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يحصل له العلم اليقين بأنّ القرآن كان مجموعاً على عهد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّ عـدد الجامعين له لا يسـتهان به.
وأمّا ما رواه البخاري بإسـناده عن أنس ، قال : «مات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد» (٣) ..
فهو مردود مطروح ؛ لأنّـه معارِض للروايات المتقـدّمة ، حتّى لِما رواه البخاري بنفسـه!
ويضاف إلى ذلك أنّه غير قابل للتصديق به!
وكيف يمكن أن يحيط الراوي بجميع أفراد المسـلمين حين وفاة
__________________
(١) الإتقان ، النوع ٢٠ ج ١ ص ١٢٤ [١ / ١٨٧]. منـه قدسسره.
وانظر : السـنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٢٤ ح ٨٠٦٤.
(٢) انظر : البرهان في علوم القرآن ١ / ٢٤١ ، مناهل العرفان في علوم القرآن ١ / ٢٤٠.
(٣) صحيح البخاري ٦ / ٣٢١ ح ٢٥.