فإن قال : فإنّ هذا محمّـد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري قال : حدّثنا أبو بشر الواسطي قال : حدّثنا خالد بن داود ، عن عامر ، قال : بايع الحسن بن عليّ عليهالسلام معاوية على أن يسالم من سالم ويحارب من حارب ، ولم يبايعه على أنّه أمير المؤمنين.
قلنا : هذا حديث ينقض آخره أوّله ، وإنّه لم يؤمّره ، وإذا لم يؤمّره لم يلزمه الائتمار له إذا أمره ، وقد رويناه من غير وجه ما ينقض قوله : يسالم من سالم ويحارب من حارب ، فلم نعلم فرقة من الأُمّة أشدّ من معاوية من الخوارج ، وخرج على معاوية بالكوفة جويرية بن ذراع أو ابن وداع أو غيره من الخوارج ، فقال معاوية للحسن : أُخرج إليهم وقاتلهم.
فقال : «يأبى الله لي ذلك».
قال : فَلِمَ؟ أليس هم أعداءَك وأعدائي؟
قال : «نعم يا معاوية ، ولكن ليس من طلب الحقّ فأخطأه ، كمن طلب الباطل فوجده».
فسكت معاوية ، ولو كان ما رواه أنّه بايع على أن يسالم من سالم ويحارب من حارب لكان معاوية لا يسكت على ما حجّه به الحسن عليهالسلام ، ولأنّه يقول له : قد بايعتني على أن تحارب من حاربت كائناً من كان ، وتسالم من سالمت كائناً من كان ، وإذا قال عامر في حديثه : ولم يبايعه على أنّه أمير المؤمنين قد ناقض ؛ لأنّ الأمير هو الآمر والزاجر ، والمأمور هو المؤتمر والمنزجر ، فأبى تصرّف الأمر فقد أزال الحسن عليهالسلام في موادعة معاوية الائتمار له ، فقد خرج من تحت أمره حين شرط أن لا يسمّيه أمير المؤمنين ولو تنبّه معاوية لحيلة الحسن عليهالسلام بما احتال عليه لقال له :
يا أبا محمّـد! أنت مؤمن وأنا أمير ، فإذا لم أكن أميرك لم أكن