للمؤمنين أيضاً أميراً ، وهذا حيلة منك ، تزيل أمري عنك ، وتدفع حكمي لك وعليك ، فلو كان قوله : يحارب من حارب مطلقاً ولم يكن شرطه إنْ قاتلك من هو شرّ منك قاتلته ، وإن قاتلك من هو خير منك في الشرّ وأنت أقرب منه إليه لم أقاتله ، ولأنّ شرط الله على الحسن عليهالسلام وعلى جميع عباده التعاون على البرّ والتقوى ، وترك التعاون على الإثم والعدوان ، وأنّ قتال من طلب الحقّ فأخطأه مع من طلب الباطل فوجده تعاون على الإثم والعدوان ، والمبايِع غير المبايَع والمؤازِر غير المؤازَر.
فإن قال : هذا حديث أنس بن سيرين يرويه محمّـد بن إسحاق بن خزيمة قال : حدّثنا بشّار ، قال : حدّثنا ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن أنس بن سيرين قال : حدّثنا الحسن بن عليّ عليهالسلام يوم كلّم فقال :
«ما بين جابرسا وجابلقا رجل جدّه نبيّ غيري وغير أخي ، وإنّي رأيت أن أُصلِح بين أُمّة محمّـد وكنت أحقّهم بذلك ، فإنّا بايعنا معاوية ولعلّه فتنة لكم ومتاع إلى حين».
قلنا : ألا ترى إلى قول أنس كيف يقول يوم كلّم الحسن ، ولم يقل يوم بايع ، إذ لم يكن عنده بيعة حقيقة ، وإنّما كانت مهادنة كما يكون بين أولياء الله وأعدائه ، لا مبايعة تكون بين أوليائه وأوليائه ، فرأى الحسن عليهالسلام رفع السيف مع العجز بينه وبين معاوية ، كما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) رفع السيف بينه وبين أبي سفيان وسهيل بن عمرو ، ولو لم يكن رسول الله مضطرّاً إلى تلك المصالحة والموادعة لما فعل.
فإن قال : قد ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين سهيل وأبي سفيان مدّة ، ولم يجعل الحسن بينه وبين معاوية مدّة.
قلنا : بل ضرب الحسن عليهالسلام أيضاً بينه وبين معاوية مدّة وإن جهلناها