ولم نعلمها ، وهي ارتفاع الفتنة وانتهاء مدّتها وهو متاع إلى حين.
فإن قال : فإنّ الحسن قال لجبير بن نفير حين قال له : إنّ الناس يقولون إنّك تريد الخلافة ، فقال : «قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون من سالمت ، تركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء أُمّة محمّـد ، ثمّ أثيرها يا تيّاس أهل الحجاز؟
قلنا : إنّ جبيراً كان دسيساً إلى الحسن عليهالسلام ، دسّه معاوية إليه يختبره هل في نفسه الإثارة؟ وكان جبير يعلم أنّ الموادعة التي وادع معاوية غير مانعة من الإثارة التي اتّهمه بها ، ولو لم يجز للحسن عليهالسلام مع المهادنة التي هادن أن يطلب الخلافة لكان جبير يعلم ذلك فلا يسأله ؛ لأنّه يعلم أنّ الحسن عليهالسلام لا يطلب ما ليس له طلبه ، فلمّا اتّهمه بطلب ماله طلبه دسّ إليه دسيسةً هذا ليستبرئ برأيه ، وعلم أنّه الصادق وابن الصادق ، وأنّه إذا أعطاه بلسانه أنّه لا يثيرها بعد تسكينه إيّاها فإنّه وفيّ بوعده صادق في عهده ، فلمّا مقته قول جبير قال له : «يا تيّاس أهل الحجاز» ، والتيّاس بيّاع عسب الفحل الذي هو حرام.
وأمّا قوله : «بيدي جماجم العرب» فقد صدق عليهالسلام ، ولكن كان من تلك الجماجم الأشعث بن قيس في عشرين ألفاً ويزيدونهم ، قال الأشعث : يوم رفع المصاحف وقع تلك المكيدة : إن لم تجب إلى ما دعيت إليه لم يرم معك غداً يمانيّان بسهم ، ولم يطعن يمانيّان برمح ، ولا يضرب يمانيّان بسيف ، وأومى بقوله إلى أصحابه أبناء الطمع.
وكان في تلك الجماجم شبث بن ربعي تابع كلّ ناعق ومثير كلّ فتنة ، وعمرو بن حريث الذي ظهر على عليّ صلوات الله عليه وبايع ضبّة احتوشها مع الأشعث ، والمنذر بن الجارود الطاغي الباغي. وصدق الحسن