أجنكز خان ملك طمغاج الصّين؟ قال : نعم. فقال : ما ترى في المصلحة؟ قال : الاتّفاق. فأجاب إلى ملتمس جنكزخان. قال : فسرّ جنكزخان بذلك ، واستمرّ الحال على المهادنة إلى أن وصل من بلاده تجّار ، وكان خال السّلطان خوارزم شاه ينوب على بلاد ما وراء النّهر ، ومعه عشرون ألف فارس ، فشرهت نفسه إلى أموال التّجّار ، وكاتب السّلطان يقول : إنّ هؤلاء القوم قد جاءوا بزيّ التّجّار ، وما قصدهم إلّا إفساد الحال وأن يجسّوا البلاد ، فإن أذنت لي فيهم. فأذن له بالاحتياط عليهم. وقبض عليهم ، واصطفى أموالهم. فوردت رسل جنكزخان إلى خوارزم شاه تقول : إنّك أعطيت أمانك للتّجّار ، فغدرت ، والغدر قبيح ، وهو من سلطان الإسلام أقبح ، فإن زعمت أنّ الّذي فعله خالك بغير أمرك ، فسلّمه إلينا ، وإلا فسوف (١) تشاهد منّي ما تعرفني به. فحصل عند خوارزم شاه من الرّعب ما خامر عقله ، فتجلّد ، وأمر بقتل الرّسل ، فقتلوا ، فيا لها حركة لما هدرت من دماء الإسلام ، أجرت بكل نقطة سيلا من الدّم ، ثمّ إنّه اعتمد ، من التّدبير الرّديء لمّا بلغه سير جنكزخان إليه أنّه أمر بعمل سور سمرقند ، ثمّ شحنها بالرّجال ، فلم تغن شيئا ، وولّت سعادته ، وقضي الأمر (٢).
قال المؤيّد عماد الدّين في «تاريخه» : قال النّسويّ كاتب الإنشاء الّذي لخوارزم شاه : مملكة الصّين دورها ستّة أشهر ، وهي ستة أجزاء ، كلّ جزء عليه ملك ، ويحكم على الكلّ الخان الأكبر يقال له الطّرخان ، وهذا كان معاصر خوارزم شاه محمّد ، وقد ورث الملك كابرا عن كابر ، بل كافرا عن كافر. وإقامته بطوغاج في وسط الصّين. وكان دوشي خان أحد السّتّة متزوّجا بعمّة جنكزخان الّذي فعل الأفاعيل وأباد الأمم. وجنكزخان من أمراء بادية الصّين ، وهم أهل شرّ وعتوّ ، فمات دوشي المذكور ، فعمدت زوجته إلى ابن أخيها جنكزخان وقد جاءها زائرا فملّكته ، وكان الملكان اللّذان هما مجاوران لهم هما : كشلي خان ، وفلان خان ، فرضيا بجنكزخان ، وعاضداه ، فلمّا أنهي الأمر إلى القان ألطور أنكر
__________________
(١) في الأصل : «سوف».
(٢) خبر (خوارزم شاه وجنكيزخان) في : الكامل في التاريخ ١٢ / ٣٥٩ وما بعدها ، وتاريخ الخميس ٢ / ٤١١.