سنة تسع عشرة وستّمائة
[الجراد بالشام]
قال أبو شامة (١) : فيها ظهر بالشّام (٢) جراد عظيم أكل الزّرع والشّجر. فأظهر الملك المعظّم أنّ ببلاد العجم طيرا يقال له السّمرمر يأكل الجراد ، فأرسل الصّدر البكريّ المحتسب ، ورتّب معه صوفية ، وقال : تمضي إلى العجم فهناك عين يجتمع عليها السّمرمر ، فتأخذ من مائها في قوارير ، وتعلّقها على رءوس الرّماح ، فإذا رآها السّمرمر تبعك. وما كان مقصوده إلّا أن بعثه إلى السّلطان جلال الدّين ابن علاء الدّين ليتّفق معه ، وذلك لمّا بلغه اتّفاق أخويه بمصر عليه. فسار البكريّ واجتمع بجلال الدّين ، وقرّر معه الأمور بأذربيجان ، وجعله سندا له. فلمّا عاد ولّاه مشيخة الشّيوخ مع حسبة دمشق (٣).
[كثرة الحجيج]
وفيها حجّ خلق كثير لكونها وقفة الجمعة ، وازدحم النّاس بمكّة حتّى مات جماعة ، قال ابن بنت الجوزيّ (٤) : وحجّ من اليمن صاحبها الملك المسعود ابن الكامل في عسكر عظيم ، ومنع علم النّاصر لدين الله أن يصعد الجبل ، وأصعد علم أبيه ، ولبس السّلاح وقال لجنده : إن أصعدوا علم الخليفة فاكسروه ، وانهبوا البغاددة. ويقال : إنّه أذن في العلم في آخر شيء ، وبدا منه جبروت عظيم.
حكى لي (٥) شيخنا جمال الدين الحصيريّ ، قال : رأيته وقد صعد على قبّة
__________________
(١) في ذيل الروضتين ١٣١.
(٢) هكذا في الأصل نقلا عن أبي شامة في الذيل ، أما في : مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٦٢٣ «ظهر بالعراق» ، مع أن أبا شامة ينقل عن المرآة!.
(٣) في المرآة ، وذيل الروضتين أن الجراد كان قد قلّ ، فلما عاد البكري كثر الجراد! وانظر الخبر في : نهاية الأرب ٢٩ / ١١٩ ، ١٢٠ ، وهو باختصار في البداية والنهاية ١٣ / ٩٨.
(٤) في مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٦٢٤.
(٥) القائل هو سبط ابن الجوزي.