زمزم وهو يرمي حمام مكّة بالبندق ، ورأيت غلمانه يضربون النّاس بالسّيوف في أرجلهم في المسعى ويقولون : اسعوا قليلا قليلا ، فإنّ السّلطان نائم سكران في دار السّلطنة الّتي في المسعى ، والدّم يجري على ساقات النّاس!
قال أبو شامة (١) : استولى المسعود على مكّة وبنى القبّة على مقام إبراهيم ، وكثر الجلب إلى مكّة في أيّامه ، ولعظم هيبته قلّت الأشرار ، وأمنت الطّرق (٢).
[نقل تابوت العادل]
قال : وفيها نقل تابوت العادل إلى تربته ، فأحضر إلى حصن الجامع وصلّى عليه الخطيب الدّولعيّ ، وألقى الدّرس بمدرسته القاضي جمال الدّين المصريّ ، وحضر السّلطان الملك المعظّم ، وبحث ، وجلس المدرّس عن يسار السّلطان ، وعن يمينه شيخ الحنفيّة جمال الدّين الحصيريّ ، ويليه فخر الدّين ابن عساكر شيخ الشّافعيّة ، ثمّ القاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ ، ثمّ محيي الدّين ابن الزّكيّ ، وتحت المدرّس السيف الآمديّ ، ثمّ القاضي شمس الدّين ابن سنيّ الدّولة ، ثمّ نجم الدّين خليل قاضي العسكر. ودارت حلقة صغيرة ، والخلق ملء الإيوان ، وكان قبالة المعظّم في الحلقة شيخنا تقيّ الدّين ابن الصّلاح (٣).
[ملك صاحب الموصل قلعة شوش]
وفيها ملك بدر الدّين لؤلؤ صاحب الموصل قلعة شوش على مرحلتين من الموصل ، وكان صاحبها عماد الدّين زنكي قد سار إلى أزبك بن البهلوان سلطان أذربيجان ، وخدم معه ، وأقطعه خبزا (٤) ، وأقام عنده (٥).
__________________
(١) في ذيل الروضتين ١٣٢.
(٢) وانظر الخبر أيضا في : المختصر في أخبار البشر ٣ / ١٣١ ، ١٣٢ ، ونهاية الأرب ٢٩ / ١٢١ ـ ١٢٣ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٩٨ ، والسلوك ج ١ ق ١ / ٢١٣.
(٣) الخبر في ذيل الروضتين ١٣٢ ، ١٣٣ ، وهو بإشارة في : مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٦٢٤ ، ونقله ابن كثير في : البداية والنهاية ١٣ / ٩٧ ، ٩٨.
(٤) في طبعة مؤسسة الرسالة (الطبقة الثانية والستون) ص ٥٨ «وأقطعه خيرا»! وهذا غلط فاحش.
(٥) انظر خبر (قلعة شوش) في : الكامل في التاريخ ١٢ / ٤١١ ، ٤١٢ ، ومفرّج الكروب ٤ / ١١٥ ،